شبكة العاصمة اونلاين
كشفت تحقيقات صحفية نشرتها صحيفة “ديلي بيست الأمريكية وحازت على جائزة بوليتزر للصحافة، عن تورط نظام بشار الأسد في افتعال التفجيرات بسوريا، بناء على شهادات مسؤولين سابقين انشقوا عن النظام وكانوا قد تقلدوا خلال وجوده معه مناصب مهمة.
التحقيقات التي جاءت في ثلاثة أجزاء وثق فيها الصحفي “روي غوتمان” دور الأسد في ويلات الحرب بسوريا، ودعمه لظاهرة الإرهاب فيما بدا أنها سياسة ممنهجة، بدءاً من ربط الثورة بالإرهاب، ثم إطلاق سراح المتشددين، ليتبع ذلك بهجمات زائفة على المنشآت الحكومة واتهام “الإرهابيين” فيها.
ويتوصل التحقيق الصحفي إلى أن الأسد أدار ظهره للجماعات المتطرفة التي ظهرت بسوريا، لا سيما تنظيم “الدولة ” الذي استولى على مساحات واسعة من البلاد، وأعلن من محافظة الرقة (شمال شرق) عاصمة له، كما يكشف التحقيق معلومات مهمة عن دور الأسد وعلمه في اغتيال خلية الأزمة وهو ما سيتبين لاحقاً في الفقرات القادمة من هذا التحقيق.
ونشر موقع “هافينغتون بوست عربي ترجمة تحقيق “ديلي بيست”، الذي تحدث بشكل خاص عن الجنرال عوض العلي، الذي كان مع بدء الثورة منتصف مارس/ آذار 2011، المسؤول عن التحقيقات الجنائية في العاصمة السورية. وبعد عام واحد، أصبح كان من كبار رجال الدولة المهددين والمغضوب عليهم.
يتحدث العلي عن فترة تزايد سلسلة التفجيرات التي ضربت منشآت أمنية كبيرة في دمشق وحلب، والتي بدأت في ديسمبر/كانون الأول عام 2011 وأعرب العلي عن مخاوفه آنذاك بأنه الهدف التالي ولذلك أخذ الاحتياطات اللازمة وأغلقت الشوارع بالقرب من مكتبه.
التهديد الحقيقي والذي خلُص إليه في وقت لاحق أن تلك التفجيرات الإرهابية لم يكن وراءها الجماعات الإرهابية، ولكن النظام نفسه.
وكانت العلامة الأولى على أن النظام هو من يقف وراء تلك التفجيرات عندما ذهب كبار المساعدين العسكريين لبشار الأسد لمكتب العلي لفحص الترتيبات الأمنية هناك، الجنرال سالم العلي، مساعد الأسد الخاص لشؤون دمشق -ليس على علاقة بعوض العلي ولكن مجرد تشابه أسماء- لم يذهب إلى المكتب للحث على احتياطات أفضل للتأمين، لكن على العكس من ذلك تماماً.
ويوم الجمعة، 16 مارس/آذار، اتصل سليم العلي بعوض العلي من القصر الجمهوري، مقر رئاسة الأسد وأمر “بفتح الشوارع المغلقة وهو أمر مباشر من بشار الأسد.”
يقول العلي إنه أبقى المتاريس في مكانها، وبعد ذلك بيوم واحد، هاجمت سيارة مفخخة منشأتين أمنيتين في دمشق والثالثة في التضامن، بعيداً عن المبنى. وخلص العلي في النهاية أنه كان الهدف الحقيقي.
وقال العلي الذي أنه لو كان أزال المتاريس لكان ميتاً هو وزملاؤه.”
نجاة العلي من الموت الوشيك عززت فكرة أن نظام الأسد هو من ينظم التفجيرات الانتحارية ويقنِّعها وذلك لكي يغطي على روايته بأن الإرهاب هو من يقف وراء تلك التفجيرات.
وعليه تطرح “ديلي بيست” سؤالاً مهما، وهو “هل يجب على القوى الغربية أن تتعاون مع الحكومة السورية وروسيا في محاربة الجماعات الجهادية المتمركزة في سوريا؟”.
وتجيب ان “سلسلة التفجيرات الغامضة داخل سوريا توقفت بنهاية عام 2011 تطرح السؤال الحقيقي وهو ما إذا كان النظام يقاتل المتطرفين الدينيين أو يشجعهم”.
ويلفت تحقيق “ديلي بيست” إلى تجاهل الإدارة الأمريكية للحكم الذي خلص إليه الجنرال العلي وأيده فيه كبار المنشقين عن نظام الأسد، في أن الأخير يقف وراء التفجيرات، وهي ما زالت ترى أن تنظيم القاعدة هو من يقف وراء سلسلة التفجيرات. ورفضت وكالة الاستخبارات المركزية التعليق.
وفيما بدا أنها تفجيرات مخطط لها، كشف العلي أن النظام كان يفتعلها بالتزامن مع وصول وفودٍ من الدبلوماسيين أو الصحفيين أو الشخصيات الرفيعة، وقال: “وفي كل مرة يدّعي النظام أن الإرهابيين هم من يقفون وراء تلك التفجيرات. ولم يتم التوصل لحل أي من هذه التفجيرات وذلك لأن العلي كان يمنع من دخول مسرح الجريمة في كل مرة”.
أحد الأسباب التي تدفع مسؤولي النظام السابقين والشهود إلى الاعتقاد بأن هذه التفجيرات مدبرة من قبل الحكومة هو أنها غالباً ما تأتي مع إنذار مسبق، بدءاً من التفجير الأول في 23 ديسمبر/كانون الأول 2011.
ونقلت “ديلي بيست” عن مسؤول طلب عدم نشر اسمه الحقيقي وفضّل استخدام لقب “أبو سيف”، في مقابلة في دير الزور شرق سوريا في يوليو/تموز 2013، قوله: “كنت في القطاع الأمني لجيش النظام ويوم الخميس من ذاك الأسبوع، حصلت على تقرير. أتذكر رقم التقرير كان 3018 وجاء فيه سيقوم إرهابيٌ بتنفيذ تفجيرٍ ضد النظام يوم الجمعة أو يوم السبت.”
قال إن الرسالة كانت آتية من وكالة المخابرات العامة، وهي جزءٌ أساسيٌ من نظام الأسد، والغريب أنها هي نفسها استهدفتها إحدى التفجيرات.
وبالفعل، يؤكد المسؤول أنه في اليوم التالي وقعت التفجيرات الانتحارية وضربت مبنيين أمنيين في حي كفرسوسة، مبنى أمن الدولة -حيث مقر إدارة المخابرات العامة- ومجمع تابع للأمن العسكري.
وقال وزير الداخلية في نظام الأسد حينها إن “44 شخصاً لقوا مصرعهم وأصيب 166”. لكن العلي الذي أرسل المحققين إلى موقع الانفجار قال إنه كان ثمة انفجار وحيد.
وأضاف أن الجنرال أحمد الديب رئيس مكتب التحقيقات في الإدارة العامة لجهاز أمن الدولة، منعه –العلي- من الاقتراب من مكان الحدث أو إجراء مقابلات مع الشهود “تلك قضيتنا، يُرجى تركها لنا” وأشار إلى أن الديب رفض الإجابة عن أي أسئلة.
مع ذلك، قال العلي أن ضباطه علموا أن الشاحنة التي استخدمت في الانفجار كانت قد بيعت من قبل أحد أفراد الأجهزة الأمنية إلى شخص مجهول قبل أيام قليلة من الهجوم ودخلت المبنى من خلال نفق تحت الأرض يستخدم فقط من قبل الموظفين الأقل رتبة.
أحد الأدلة التي استشهد بها العلي عبارة عن فيديو يوتيوب ظهر في ذلك الوقت وظهر فيه منشق عسكري يدعى الملازم عبد القادر الخطيب، وزعم الخطيب أن أمن الدولة السوري قد صادر سبعة جثث ليجلبوها إلى مكان الانفجار الأول.
في مقطع الفيديو، يعرض الخطيب وثيقة تفيد بأنهم صادروا تلك الجثث من مستشفى تشرين العسكري في دمشق في يوم الانفجار. قال العلي الذي لم يتفقد الوثيقة أنه يعتقد أن الفيديو حقيقي. كانت الجهود لتحديد مكان الخطيب غير ناجحة.
وتضيف “ديلي بيست” أن هنالك دليل آخر على أن النظام وقف وراء تلك التفجيرات يتمثل فيما قاله أنصار المعارضة عن سرعة بث التليفزيون الحكومي لتقرير يتهم تنظيم القاعدة بارتكابها.
خرج التقرير الأول على التلفزيون في غضون دقائق، وفي وقت لاحق من ذلك اليوم عرض التليفزيون الرسمي برنامجاً خاصاً لمدة 45 دقيقة يحتوي على أكثر من 40 مقابلة مع من يزعم أنهم شهود أو مواطنون في حالة غضب كما صور مظاهرات في جميع أنحاء سوريا من نفس اليوم تدين الإرهاب وأفاد التقرير أن السوريين تبرعوا بالدم للجرحى.
من جانبه، قال بسام بربندي، الدبلوماسي السوري السابق والمقرب من المعارضة ويعيش الآن في واشنطن طالباً للجوء السياسي: “كان هناك نمطٌ تستطيع رؤيته على شاشة التليفزيون بعد كل انفجار، كان التليفزيون السوري في المكان خلال وقت قصير للغاية كما لو كان يجلس هناك في انتظار الانفجار.”
أما التفجير الانتحاري الثاني الذي ضرب دمشق في 6 يناير/كانون الثاني 2012 وقع عشية اجتماع جامعة الدول العربية وقال العلي “لقد أصبح الأمر مزحة بين ضباط الشرطة، خلال أي زيارة لمسؤول عربي أو دولي أو حتى وفد إعلامي يجب أن تحدث انفجارات.”
وكان مراسل التلفزيون السوري في مكان الحدث يظهر الجثث وهي لا تزال مرمية في مسرح الجريمة. لكن الشرطة مرة أخرى لم تسمح بالتحقيق وفقاً للعلي.
التفجير التالي وقع بسيارة ملغومة في حلب في 10 فبراير/شباط، داخل مجمع المخابرات العسكرية المحمي بالعديد من نقاط التفتيش ليؤدي إلى مقتل 28 وجرح 235 حسبما أفاد نظام الأسد.
لكن الأرقام الفعلية كانت أقل، وفقًا لعبد الله الحكواتي، الناشط الذي ساعد في تنظيم احتجاجات مناهضة للحكومة في حلب. حيث قال إن مسؤولاً في مخابرات الحكومة خبره أن الانفجار كان منظماً وأفصح الحكواتي عن اسم الضابط ولكن لم يتسن التحقق من الرواية.
قال خالد شهاب الدين، وكان قاضياً للنظام في حلب حينها وهو الآن متحدث باسم جماعة معارضة معتدلة، أن ضابطاً من المخابرات السورية أخبره أنهم أعدوا المتفجرات في فرع المخابرات العسكرية. “لم يكن هؤلاء الجنود المساكين يعلمون ما يفعلون”، قال شهاب الدين.
وبحلول ذلك الوقت، كانت الولايات المتحدة قد توصلت إلى استنتاجاتها. الانفجار الأول أو الانفجارات التي حدثت ليست بعيدة عن السفارة الأميركية في دمشق والسفير الأميركي روبرت فورد أرسل أحد عناصر الأمن في السفارة لمحاولة تحديد المسؤول، قال عنصر الأمن أن “طريقة العمل تبدو مثل طريقة القاعدة في العراق تماماً”، ولم يكن بوسعه تحديد المسؤول بالفعل.
بعد التفجيرات في دمشق في 6 يناير/كانون الثاني وحلب في 10 فبراير/شباط 2012، قال “جيمس كلابر” مدير الاستخبارات الوطنية في الكونغرس في منتصف فبراير/شباط أن الانفجارات “كانت تنفذ على غرار هجمات القاعدة.” وأضاف “لذلك نعتقد أن تنظيم القاعدة في العراق يوسع من نطاق عمله إلى سوريا.”
تلك كانت المرة الأولى التي يقوم فيها مسؤول أميركي رفيع المستوى باتهام تنظيم القاعدة في العراق وبشكل علني بالمساهمة في الثورة ضد الأسد. يتناقض هذا مع التقديرات والمزاعم من زعماء المعارضة بأن الأسد وراء تلك التفجيرات.
يشير أنصار المعارضة إلى أن “جبهة النصرة” لم تعلن عن وجودها حتى 23 يناير/كانون الثاني 2012، أي بعد شهر كامل من التفجيرات وانقضى شهر آخر قبل أن تدعي الجماعة التابعة لتنظيم القاعدة مسؤوليتها عن التفجيرات في دمشق وحلب. بينما زعمت جبهة النصرة في النهاية أنها مسؤولة عن تفجير 10 فبراير/شباط، قال العلي أنه لم يجد أي أدلة على وجود صلة لجبهة النصرة بهذا التفجير.
العلي والمسؤول الأمني رفيع المستوى المنشق الآخر يقولان بأنهما غير متأكدين بأن “جبهة النصرة” كانت قادرة على القيام بتلك العمليات في ذاك الوقت. وأضاف “يقول النظام أنها جبهة النصرة، أما أنا فلم تكن لدي أي معلومات حول جبهة النصرة تلك وكنت مندهشاً.”
وفقاً لمسؤولين سابقين، فإن توقيت التفجيرات في كل حالة كان لإقناع الدبلوماسيين الزائرين.
في الهجوم الأول، وقع تفجيران متماثلان في دمشق يوم 23 ديسمبر/كانون الأول وذهب وفدٌ من كبار الدبلوماسيين في الجامعة العربية لرؤية الأضرار.
قال محمد نور خلوف، الذي كان في ذلك الوقت لواءً في الجيش السوري والذي كان حتى وقت قريب وزيراً للدفاع بالوكالة في الحكومة المؤقتة للمعارضة، قال “يعلن النظام دائماً أن تنظيم القاعدة هو المسؤول”.
تزامنت تفجيرات يناير/كانون الثاني 2012 مع اجتماع للجامعة العربية وتزامنت تفجيرات مارس/آذار مع زيارة وفدٍ مشترك من الأمم المتحدة ومنظمة التعاون الإسلامي.
وربما كان التفجير الأكثر إثارة للجدل هو تفجير 18 يوليو/تموز الذي استهدف أعضاء في الحلقة المقربة من الأسد بينما كانوا مجتمعين في مبنى الأمن القومي الذي يخضع للحراسة المشددة. كان كبار أعضاء خلية الأزمة الخاصة بالأسد من بين القتلى: وزير الدفاع الجنرال داوود راجحة ونائبه وآصف شوكت صهر الأسد والجنرال حسن تركماني وزير الدفاع السابق.
زعمت جماعة “لواء الإسلام” الإسلامية المعارضة مسؤوليتها بينما ادعى الجيش السوري الحر مسؤوليته أيضاً. ولكن الجيش السوري الحر تراجع في وقت لاحق عن ادعاء المسؤولية وقال خلوف أنه يعتقد أن إيران كانت مسؤولة عن التفجير.
خلوف الذي كان مكلفاً من القسم التنفيذي من وزارة الدفاع بمتابعة أوامر خلية الأزمة، لم يكن في مكان الحدث ولكنه قال إنه أعاد رسم الهجوم بناءً على المعلومات التي كانت بحوزته في ذلك الوقت.
وقال إن المجموعة عادة ما كانت تقيم اجتماعاتها في مكتب تركماني، ولكن في ذلك اليوم، الأربعاء، أخطر الأعضاء بأن تكييف الهواء لا يعمل في مكتبه.
ذهب الرجال إلى مكتب هشام بختيار، رئيس جهاز المخابرات والأمن الوطني وبدأ الاجتماع. قال خلوف أن وزير الداخلية محمد إبراهيم الشعار أحضر حقيبة ووضعها على مقربة من الجدار وذهب ليغسل يديه لتنفجر الحقيبة مما تسبب في مقتل أو إصابة الرجال حول الطاولة.
كان خلوف أحد هؤلاء الذين هرعوا إلى مكان الحدث لنقل الجرحى إلى المستشفى. “قتل وزير الدفاع على الفور ولفظ شوكت أنفاسه قبل الوصول إلى سيارة الإسعاف. توفي تركماني متأثراً بجراحه بعد يومين أما أمين سر حزب البعث هو من نجا من الإصابة الخطيرة، أما الشعار فأصيب بجروح خطيرة ونقل إلى المستشفى.”
قال خلوف أنه على اعتقاد قوي بأن المستشارين الإيرانيين حثوا الأسد على إبعاد كبار مساعديه المسؤولين عن العلاقات الدولية، راجحة، وهو مسيحي له علاقاتٌ بالدول الغربية وشوكت الذي كانت تربطه علاقات بفرنسا وتركماني ذو الصلة بتركيا. قال خلوف “أخبروا الأسد أنهم يخططون لانقلاب ضده،” وأضاف “بعد الانفجار لم يعد هناك من يثق الأسد فيه إلا إيران.”
بربندي، الدبلوماسي السوري السابق الذي يعيش حالياً في واشنطن ألقى باللوم على إيران أيضاً. وقال إن الإيرانيين “كرهوا” آصف شوكت (صهر الأسد) لأنهم اعتقدوا أنه كان مسؤولاً عن موت عماد مغنية، وهو شخصية رئيسية في حزب الله اللبناني واغتيل في دمشق عام 2008 فيما يعتقد بأنها عملية مشتركة بين إسرائيل والولايات المتحدة. قال بربندي: “اعتقدوا دائماً أن شوكت كان متورطاً في عملية الاغتيال”.
قال أيضاً إن الإيرانيين كانوا يخشون أن كبار مساعدي الأسد يدرسون الاقتراح التركي لإعادة النظر في هيكل السلطة الذي بموجبه يهبط الأسد من منصبه كرئيس ليصبح رئيساً للوزراء. “اعتقد الإيرانيون أنه إذا مضى مساعدو الأسد قدماً في تلك العملية، فستفقد إيران السيطرة على الأسد”.
تفسير آخر من ضمن الحلقة المقربة من الأسد أفاد بأن أعضاء من عائلة الأسد قامت بالهجوم بعد أن أوصت خليةُ الأزمة الأسدَ باتخاذ خطوة تصالحية لنزع فتيل الثورة الوطنية. ونقل ناصر، المسؤول الاستخباراتي السابق رفيع المستوى في رأس العين شمال سوريا عن مصدر مقرب من العائلة في القصر الجمهوري أن شوكت وزملاءه حثوا الأسد على الذهاب إلى درعا التي كانت مسرحاً لأول حدث كبير في الانتفاضة والاعتذار عن قتل المتظاهرين الشباب.
لكن الأسد “بالتشاور مع اللجنة الأمنية الخاصة به”، والتي تتكون من والدته وشقيقه وعلي مملوك، المسؤول البارز في المخابرات وأحد المقربين السابقين لوالده حافظ الأسد. “قال إنه سيكون انقلاباً، ولا ينبغي أن نضحي بهيبة الأسرة”. وقالوا له إن الأسد الأب لم يكن ليفعل ذلك. وأشار ناصر أن مملوك كان قريباً من إيران. وبعد وفاة شوكت، أصبح المملوك رئيس جهاز المخابرات بأكمله.
منع مساعدو الأسد أي تحقيق في التفجير، وفقاً لكل من خلوف والعلي. “أرسلت ضابطين من وحدتي للمشاركة في التحقيق، لم يسمح لهم بالاقتراب”. بدلاً من ذلك، أجريت التحقيقات من قبل مديرية الأمن العامة، وكالة الاستخبارات برئاسة حافظ مخلوف، أحد أبناء عمومة الأسد ولم يعلن عن أي نتيجة.
قال روبرت فورد السفير الأميركي السابق في سوريا إن الانفجار لا يزال لغزاً: “لا أعتقد أننا نعرف كيف تم تنفيذه”.
من كل التفجيرات التي حدثت في عهده، كانت مؤامرة الاغتيال الوحيدة التي استطاع العلي جمع الأدلة حولها كان ذلك التفجير الموجه ضده.
في تلك الليلة من شهر مارس/آذار 2012، بعد أن تجاهل الأمر بإزالة الحواجز من أمام مقره الرئيسي، نام العلي في مكتبه.
كان لا يزال يغط في النوم عندما وقعت ثلاث هجمات انتحارية بين السادسة وأربعين دقيقة والسابعة وثلاثين دقيقة صباحاً، ولم يستيقظ إلا على مكالمة من وزير الداخلية يسأله عما حدث. فيما بعد، اتضح كل شيء.
لاحقاً ذلك الصباح، حين ذهب إلى مقر الأمن الجنائي ليحقق في حادث الانفجار هناك، أتى إليه أحد مساعديه، وهو علوي من مدينة القرداحة، مسقط رأس الأسد، وهمس إليه بشيء في أذنه. كانت عائلة الشاب قلقة بعد أن قرأت بياناً على شبكة الإنترنت يقول إن مكاتب العلي دُمرَت. (أُزيلت تلك المنشورات فيما بعد). لم يكن العلي وحده داخل مقر الأمن الجنائي، إذ كان اللواء سالم علي، الذي أمره بإزالة الحواجز من الشارع، حاضراً أيضاً.
يسترجع العلي المشهد بذاكرته “سألته ساخراً: هل مازلنا بحاجة إلى إزالة الحواجز لفتح الشارع؟”.
شعر سالم علي بالحرج، وقال “لقد كان أمراً من الرئيس”. خلُص العلي إلى حقيقة تشير إلى أن الانتحاري الثالث، وهو فلسطيني أُطلق سراحه من سجن صيدنايا، أعاقته الحواجز القريبة من مبنى الأمن الجنائي، ففجر نفسه في حي التضامن بدلاً من ذلك.
وعلّق على ذلك قائلاً “أعتقد أنه كان لديه أوامر بأن يذهب إلى الفردوس عن طريق تفجير نفسه. من أعطاه ذلك الأمر، لا أعلم. أعتقد أنه أحد الشيوخ أو القادة الدينيين المرتبطين بالمخابرات”.