نشرت صحيفة “دير شبيغل” الألمانية مقالا للكاتب ساشا لوبو، تحدث فيه عن مسألة استخدام الرموز التعبيرية خلال المحادثات على مواقع التواصل الاجتماعي. وتعرف هذه الرموز باسم “إيموجي”، وتعتمد للتعبير عن مشاعرنا وقد تكون في بعض الأحيان أبلغ من الكلمات.
وقال الكاتب، في مقاله الذي ترجمته “عربي21“، إن لغة إسبرانتو انتهت تقريبا، بينما أصبحت إيموجي أكثر انتشارا. ويمكن اعتبار الإيموجي أول لغة عالمية تتمتع بتأثير إيجابي، ونستطيع من خلالها أن نعبر عن مشاعرنا تجاه موقف معين برمز تعبيري بسيط. وبعيدا عن المتشائمين حول تأثير الإيموجي على اللغات المكتوبة، يستحق اختراع لغة الرموز التعبيرية الإشادة. وفي الوقت الحالي، إن عدم استخدام هذه الرموز التعبيرية يعبر عن جهل الشخص بالتقدم التقني المستمر.
وأفاد الكاتب بأن “إيموجي” ملأت فراغا كبيرا في العالم الرقمي. فمع بداية التواصل الرقمي، اتضح أن اللغة التقليدية المكتوبة تحتوي فقط على المعلومات، وما زالت تفتقر إلى الإيماءات ولغة الجسد وتعبيرات الوجه. وبهذا، ساهمت رموز الإيموجي في تغيير لغة التواصل الرقمي.
وذكر الكاتب أن إيموجي ظهرت مباشرة بعد اختراع طريقة المحادثات الرقمية. وقد كان الهدف منها إظهار السخرية، ومع مرور الوقت، اتضح أن تبادل المعلومات بالمحادثات الرقمية يؤدي دورا مهما، ولكن تبقى الإشكالية دائما في آلية التواصل. وتجدر الإشارة إلى أن التواصل قديما كان من اتجاه واحد، فعلى سبيل المثال، عندما يؤلف أحد الأدباء كتابا، فإنه لا توجد وسيلة تواصل مباشرة بينه وبين القراء لمعرفة رأيهم حول عمله.
ولكن الآن، أصبح هناك طرق أخرى للتعبير عن الرأي من خلال التواصل الرقمي. وفي هذا الصدد، تعد الإيموجي ثورة في التفاهم والتواصل، بل هي أفضل ما شهده العالم على مستوى التطور الاجتماعي.
وأكد الكاتب أن الجميع يستخدمون هواتفهم النقالة للتواصل ومناقشة موضوع ما، إلا أنهم في النهاية يعجزون عن التعبير عن مشاعرهم باستخدام الكلمات، ويعانون عند اختيار المفردات الدقيقة للتعبير عن مشاعرهم المختلفة. ولكن في الوقت الحاضر، يستطيع الشباب استخدام رموز تعبيرية مختلفة من أجل التعبير فقط عن مستوى الألم الذي يشعرون به، لتصبح بذلك لغة الإيموجي أكثر دقة في التعبير.
وأورد الكاتب أن سحر الإيموجي يكمن في التعبير عن معاني بعض الكلمات التي تصبح أحيانا صعبة؛ على غرار “أنا أحبك” أو “أنا حزين”. وفي المقابل، يرى الكثيرون أن مثل هذه الرموز تعد إساءة للغات التقليدية المكتوبة. وفي السياق ذاته، أثبتت الدراسات الحديثة أن لغة الإيموجي تعد الأكثر قدرة في التعبير عن موقف معين.
وأكد الكاتب أن استخدام الإيموجي لا يمثل تعبيرا عن المشاعر فحسب، بل يحمل بعدا فلسفيا أيضا. وقد ذكر المؤلف ديرك فون غيلين، في كتابه “منظور شروجي”، أن كل إيموجي يعطي رؤية جديدة للعالم. وتعد هذه الرموز من الأشياء المحيرة والمعقدة التي أنتجها لنا العالم الرقمي، في إطار ما يعرف باسم “براغماتية الثقافة”. ويعد هذا الكتاب أول عمل يتناول فلسفة الرموز التعبيرية.
فالمواقف التي كنا نحتاج لألف كلمة من أجل التعبير عنها، بات من الممكن إيصالها للمتلقي برمز رقمي صغير. لذلك، لا توجد حاليا وسيلة أخرى أسرع في التعبير عن ردود أفعالنا مثل الإيموجي. ووفقا لمعايير اللغة التي وضعها فيلسوف اللغة، لودفيغ فيتغنشتاين، من الممكن اعتبار “إيموجي” لغة.
وبيّن الكاتب أن إيموجي بالفعل “لغة المشاعر”، نظرا لأنه يمكن استخدام هذه الرموز التعبيرية في التعبير عن الواقع بصورة أفضل. كما تعد هذه الرموز التعبيرية أعمق بكثير مما نراه ونتصوره، لأن قدرتها تكمن في التعبير عن أحاسيسنا.
وفي الختام، أكد الكاتب أن هناك دردشات تمتد لعشرين دقيقة بين الشباب على موقع فيسبوك، ويمكن فهم انطباعاتهم عن الموضوع في لحظات معدودة من خلال استخدامهم للإيموجي. وبالفعل، إن الإيموجي هي اللغة التي يمكننا أن نتحدث بها عن أمور كنا لا نستطيع التحدث عنها في السابق.