تواصل آلة النظام السوري العسكرية وطائراته الحربية ملاحقة النازحين من مدينة درعا، الذين لجأوا لبعض السهول والمزارع المحيطة بدرعا البلد، في محاولة منهم للابتعاد عن خطر الاستهداف المباشر لمنازلهم السكنية التي أصبحت في معظمها ركاما.
ووفق ناشطين من درعا البلد، فإن نسبة الدمار في المنازل والبنية التحتية في المنطقة بلغت أكثر من 65 في المئة، بعدما سيطرت فصائل الجيش الحر على غالبية أحياء درعا البلد.
وكانت طائرات النظام المروحية استهدفت، الاثنين الماضي، تجمعا للنازحين في أحد المزارع المحيطة بدرعا البلد، ما أوقع مجزرة قتل فيها 11 مدنيا، غالبيتهم أطفال ونساء، وجرح أكثر من عشرين آخرين.
ويروي أبو أحمد، أحد النازحين من درعا البلد، معاناته قائلا: “لا بد من وضع حد لآلة النظام العسكرية، فلم نعد نعرف إلى أين نفر مع نسائنا وأطفالنا، حيث إن شبابنا يقاتل على الجبهات، في الوقت الذي لا يجد ذووهم أي مكان يؤويهم بعد تقطع السبل بهم، وإلى الآن ما زلت أنقل خيمتي بين الحين والآخر في السهول كلما اقتربت قذائف وصواريخ النظام من المنطقة التي أعيش فيها”.
وأبدى أبو أحمد غضبه تجاه ما يعتبره “ضعفا” لدور المنظمات والهيئات الإغاثية، قائلا لـ”عربي21″: حتى الآن لا توجد سوى مساعدات شحيحة من قبلهم، حيث إن مئات الأسر من أقاربي تفترش العراء، ولم تجد لها إلى الآن خيمة تشتريها، ومن وجد لا يستطيع دفع ثمنها بعدما فقد جل ما يملك، وهو منزله الذي استهدفه النظام”.
وأشار أبو أحمد إلى الإيجارات المرتفعة للعقارات السكينة؛ حيث بلغ سعر الإيجار الشهري لأبسط منزل في محيط مدينة درعا ما يقارب 25 ألف ليرة سورية (حوالي 50 دولارا)، “وهو مبلغ مرتفع جدا بالنسبة لنا كنازحين، وعلى الرغم من هذا، إلا أنني ما زلت أبحث عن أي منزل يعطيني الأمان لي ولعائلتي، لكني لم أوفق حتى اللحظة في إيجاد ذلك المنزل؛ بسبب الكثافة السكانية العالية في المناطق البعيدة نسبيا عن استهداف النظام، والتي تعدّ شبه آمنة بالنسبة لنا كأبناء درعا”، بحسب قول أبي أحمد.
من جانبه، وصف أبو محمود الحوراني، الناطق باسم “تجمع أحرار حوران”، الحال بـ”الكارثي”، قائلا: “إلى الآن، وبعد استمرار المعارك لأكثر من شهرين، لم يتم القيام بأعمال إغاثة جدية للنازحين أو توفير أبسط مستلزمات الحياة لهم من الخيام التي تقيهم البقاء في العراء”.
واعتبر الحوراني، في حديث لـ”عربي21″، أن “الإيجارات المرتفعة يجب أن يوضع لها حد من قبل دار العدل؛ كونها أعلى سلطة قضائية بدرعا، بشكل يمنع استغلال النازحين الذين باتوا يبيعون ما يملكون هم وزوجاتهم للحصول على شقة صغيرة في أي قرية بعيدة عن درعا البلد”، على حد قوله.
ولا تقتصر الصعوبات أمام النازحين على الابتعاد عن خطر الاستهداف من قبل النظام، إنما تتعدى ذلك لتصل إلى أبسط حقوقهم في الحصول على مأوى للأسر النازحة يقيها حرارة الصيف المرتفعة نهارا والبرد القارس ليلا.