شبكة العاصمة اونلاين
حضر إلى بعض المشافي والمراكز الصحية في اللاذقية مرضى يشتكون من التعب أو الوهن العضلي أو التنميل وأحياناً ضعف بأحد أو جميع الأطراف، ومن جميع الأعمار، ولكن لسبب ما تم جمع هذه الحالات كلها ضمن مرض يسمى “غيلان باريه”، وأصبح مجرد ذكره في المدينة يثير الرعب بين المواطنين، وبالتأكيد لم يضيع الانتهازيون هذا الفرصة لاستغلال المواطن وخوفه على صحته وصحة أبنائه.
تحدثت السيدة ريم حول مخاوف الناس وسعيهم لإيجاد تفسيرات قائلة: “حاول الناس إيجاد تفسيرات لهذا المرض حيث تم التداول أنه يسبب الشلل ومعظم الحالات تؤدي للموت وفي أفضل الظروف يمكن أن يعيش المريض بحالة شلل بدرجات مختلفة. البعض اقترح أن سبب هذا المرض موجة الحر الشديد التي ضربت المدينة مما أدى إلى الإسهال والإقياء ومن ثم التطور نحو الشلل، بينما اقترح آخرون أن يكون لتلوث الأطعمة الجاهزة في الأسواق دوراً، وآخرون ذهبوا لاتهام البحر وتلوث مياهه، وبالطبع لم يتم نسيان اللقاحات من قائمة المتهمين حيث كان للقاح الانفلونزة نصيب”.
وفي سؤالها عن طريقة التعامل مع هذه الحالات المرضية، بيّنت السيدة ريم أن هناك حديث عن 18 حالة مشخصة من هذا المرض ولكن لا أحد يستطيع التأكد من التشخيص ولا يوجد علاج شاف.
الدكتور سمير أبو حامد، أخصائي الأمراض العصبية في فرنسا، وفي حديثه لموقع اقتصاد بيّن أن المرض يدعى بالتهاب الأعصاب والجذور الحاد وتسيطر عليه الأعراض الحسية مثل الخدر والنمل ومظاهر الضعف العضلي الذي يصيب الأطراف السفلية وترتفع الإصابة تدريجياً إلى الأطراف العلوية وعضلات التنفس وقد يصيب عضلات الوجه.
أضاف أخصائي الأمراض العصبية أن نسبة الإصابة السنوية به هي 1-2 لكل 100000، وهو يصيب كل الأعمار حتى الأطفال فوق سن الخمس سنوات وإن كان أقل حدوثاً من الشباب وكبار السن.
أما عن سبب المرض وتفسير الأعراض المرافقة، فقد بين الطبيب أن الجملة العصبية تقسم إلى قسمين: مركزي ويتكون من الدماغ والنخاع الشوكي، ومن قسم قسم محيطي ويتمثل بالأعصاب التي تربط الجهاز المركزي بالعضلات وبالمستقبلات الحسية بالجلد وبالمستقبلات الذاتية في الأعضاء الداخلية كالقلب والجهاز التنفسي والهضمي والبولي التناسلي.
أما عن تطور المرض فهو يمر بثلاث مراحل: ففي مرحلة البدء والتي تستمر من عدة أيام الى 3 أسابيع تتطور الأعراض التي تبدأ عادة باضطرابات حسية على شكل تخدير وتنميل تبدأ بالأطراف السفلية وتصعد سريعاً خلال أيام قليلة إلى الأطراف العلوية وتترافق بعد عدة أيام بضعف عضلي أو شلل تام في الأطراف السفلية صاعداً للأطراف العلوية وعضلات التنفس والحجاب الحاجز والبلع والوجه.
“في هذه المرحلة قد يحتاج المريض القبول في العناية المشددة واستخدام المنفسة الصناعية إذا حدث قصور تنفسي وشلل تام لعضلات البلعوم والحنجرة وعضلات التنفس”، أوضح الطبيب.
أما المرحلة الثانية وهي مرحلة الاستقرار، قد تستمر عدة أسابيع وفيها يتوقف المرض عن التفاقم لكن تسيطر على هذه المرحلة المظاهر الذاتية التي قد تكون خطيرة مثل اضطرابات نظم القلب أو هبوط الضغط الشرياني والإمساك، وكذلك الاختلاطات الناجمة عن الاستلقاء المديد والتي قد تهدد حياة المريض مثل التهاب الوريد الخثري والصمة الرئوية والانتانات النفسية والبولية والتهابات الجلد وتقرحه.
بالنسبة لمرحلة الشفاء والتي هي المرحلة الثالثة، فقد تستمر عدة أشهر حتى السنة. عادة الشفاء هو القاعدة حيث يشفى حوالي 85% من المرضى لأن الأغماد المتأذية تترمم بمرور الوقت، بينما يصاب البقية القليلة بعقابيل تختلف بالشدة خاصة عندما يصاب محور العصب بالخلل.
بالنسبة لخطورة المرض فقد بيّن الطبيب أن المرحلة الثانية هي الأخطر وقد تهدد حياة المريض وخاصة عند حدوث القصور التنفسي واضطرابات البلع واختلاطات الاستلقاء الطويل والاضطرابات في ضغط الدم وفي نظم القلب.
أما عن تشخيص المرض، يعتبر البزل القطني لاستخراج وتحليل السائل الدماغي الشوكي الاستقصاء الوحيد المفيد في المرحلة الأولى من المرض حيث نجد ما يدعى بافتراق خليوي بروتيني بمعنى أن عدد الكريات البيضاء في السائل لا تتجاوز العشرة بينما هنالك ارتفاع كبير في تركيز البروتين بالسائل.
بالنسبة للعلاج، أوضح الدكتور سمير أن العلاج الحالي والذي أثبت فائدته هو الغلوبونات الناعية والذي يعطى لمدة خمسة أيام ولكنه غالي الثمن، أما في سوريا فيتم تأمينه غالباً عن طريق التهريب من لبنان وعلى الأغلب من إانتاج روسي أو هندي أو باكستاني، ولكن تكمن الخطورة هنا أنه لا يمكن معرفة تركيز المادة الفعالة ضمن الدواء، بالإضافة لخطورة انتقال الأمراض الخطيرة مثل الإيدز والتهاب الكبد باء أو سي في ظل غياب المراقبة الصحية على إنتاجه.
بالنهاية، علق الدكتور سمير أن تشخيص الحالات التي يُزعم أنها حالات لمتلازمة غيلان باريه في اللاذقية يشوبه الكثير من عدم الدقة، حيث أن حالات غيلان باريه هي حالات فردية وغير معدية ولا تنتقل من شخص لآخر.
موقع اقتصاد