تتكشف المزيد من التفاصيل حول الاتفاق الذي توصلت إليه أمريكا، وروسيا، والأردن يوم 7 يوليو/ تموز 2017، والذي نص على وقف لإطلاق النار بين قوات المعارضة السورية، وقوات نظام بشار الأسد والميليشيات المساندة له في جنوب غرب سوريا، وقد دخل الاتفاق حيز التنفيذ يوم الأحد الفائت 9 يوليو/ تموز 2017.
وجاء الإعلان عن هذا الاتفاق عقب أول لقاء بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ونظيره الروسي فلاديمير بوتين، على هامش قمة العشرين في مدينة هامبورغ بألمانيا، وتحدث الرئيسان عن وجود فرص للعمل المشترك بخصوص الملف السوري.
وحتى الآن لم تكشف أمريكا وروسيا والأردن رسمياً عن تفاصيل الاتفاق الذي يشمل القنيطرة، ودرعا، والسويداء، ولا تزال هنالك الكثير من التساؤلات حول تطبيقه، وعن مصير الميليشيات الإيرانية الموجودة في بعض المناطق بالجنوب السوري.
مجلة “فورين بوليسي(link is external)” الأمريكي، ونقلاً عما قالت إنها مصادر دبلوماسية، قالت في تقرير لها نشرته الثلاثاء، أن الاتفاق السري الذي تم التوصل إليه يدعو إلى منع الميليشيات المدعومة من إيران بالتوسع في الأراضي السورية القريبة من الحدود مع الأردن، والاحتلال الإسرائيلي.
وتشير المجلة إلى أن حتى مسؤولين في وزارة الدفاع الأمريكية ومنهم من سيكون مسؤولاً عن مراقبة الاتفاق لا يعلمون حتى الآن تفاصيله. وتضيف أن المذكرة المبدئية للاتفاق تنص على:
– وقف التصعيد في جنوب سوريا، ووقف إطلاق النار بين قوات النظام والمعارضة.
– تحويل جنوب سوريا، (جنوب القنيطرة والسويداء)، إلى منطقة محظورة عن المقاتلين غير السوريين، ويشمل ذلك الميليشيات التابعة لإيران، والقوات العائدة لهيئة “تحرير الشام”، وتنظيم “الدولة الإسلامية” (الممثل في جنوب غرب سوريا بجيش خالد والموجود في منطقة حوض اليرموك).
– ويطالب الاتفاق بالحفاظ على الترتيبات القائمة للحكم والأمن في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة في جنوب غرب سوريا، الأمر الذي يهدف إلى ردع قوات النظام عن استعادة الأراضي في المنطقة.
– ويدعو الاتفاق أيضاً إلى وصول العاملين في مجال المساعدات الإنسانية دون عوائق، وتهيئة الظروف لعودة اللاجئين من جنوب غرب سوريا.
– وتضمن الاتفاق أيضاً أن يشرف على وقف إطلاق النار مسؤولون من الولايات المتحدة وروسيا والأردن فى وحدة مراقبة فى عمان بالأردن.
وعلى الرغم من أن إسرائيل ليست طرفاً بالاتفاق، إلا أن لها جهوداً من وراء الكواليس للتوصل إليه.
وذكر تقرير “فورين بوليسي” بحسب ما نقل عنه موقع “هاف بوست(link is external)” أن الاتفاق يهدف إلى تلبية مطالب إسرائيل والأردن، والتي تقضي بعدم السماح للقوات الإيرانية ووكلائها ومن بينها ميليشيا “حزب الله”، بالاقتراب من مرتفعات الجولان التي تحتلها إسرائيل، وكذلك على طول الحدود الأردنية.
وفي هذا السياق، قال فريد هوف، المستشار السابق لوزارة الخارجية لشؤون الانتقال في سوريا، إن “الاتفاق قد يكون طُبق بالأساس لطمأنة الإسرائيليين بأن هذه العناصر (القوات التابعة لإيران) لن تعمل بالقرب من مرتفعات الجولان”.
إلا أن بعض المراقبين قالوا إن “هذا الترتيب يمكن أن يساعد أيضاً على تقسيم جنوبى سوريا بصورة دائمة”. وقال أحد المراقبين الدبلوماسيين إن “هذا يرسخ تقسيم سوريا”، وفقاً للمجلة الأمريكية.
عوائق تواجه الاتفاق
وقبل توقيع الاتفاق الثلاثي كانت الأردن قد أعلنت مراراً عن رفضها اقتراب القوات الإيرانية من حدودها، فضلاً عن أن الولايات المتحدة استهدفت بالطائرات ميليشيات تابعة لإيران حاولت الاقتراب من منطقة معبر التنف، حيث توجد هناك قاعدة أمريكية تدرب مقاتلين من المعارضة السورية على قتال “تنظيم الدولة”.
وبحسب المؤشرات الميدانية في الجنوب السوري منذ بدء تنفيذ الاتفاق، فإن قوات نظام الأسد والميليشيات المساندة لها تخرقه باستمرار، إذ شنت بعيد الإعلان عن الاتفاق هجوماً على فصائل المعارضة في ريفي السويداء الشرقي، ودمشق الشرقي، وفقاً لما أكده مراسل “السورية نت” في درعا أمجد العساف، أمس الأربعاء.
وأشارت “فورين بوليسي” إلى أن لدى الدبلوماسيين والمراقبين الأميركيين السابقين تساؤلات عما إذا كان الاتفاق قابلاً للتنفيذ حقاً، معربين عن شكوكهم في أن روسيا يمكن أن تعمل كضامن موثوق به لوقف إطلاق النار الذي يشمل النظام وإيران ووكلائها.
ونقلت الصحيفة عن جيرالد فيرستاين، الدبلوماسي الأمريكي المخضرم الذي تقاعد العام الماضي 2017، تساؤله “من الذي سيفرض تطبيق ذلك؟ هل ستتحمل روسيا مسؤولية إخبار إيران بما يجب فعله؟ الإيرانيون أقرب بكثير إلى موقف الأسد في سوريا من الروس”.
الموقف الإيراني
ولم تخفِ إيران موقفها الصريح من الاتفاق في جنوب غرب سوريا، إذ أعلن المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، بهرام قاسمي، يوم الإثنين الفائت (بعد يوم من إعلان الاتفاق”، بأن بلاده ليست ملزمة باتفاق وقف إطلاق النار الذي أعلنت عنه روسيا وأمريكا، بحسب ما نقلته وكالة الأناضول.
وقال فريد هوف، المستشار السابق لوزارة الخارجية لشؤون الانتقال في سوريا: “إن مفتاح بقاء نظام الأسد هو إيران وليس روسيا. هل يحاول الروس تسريع هذا الاتفاق دون اتفاق ثابت مع النظام ودون فهم واضح لما قد يكون البديل الآخر”.
وتشير التطورات التي حصلت خلال الشهرين الماضيين في الجنوب السوري إلى وقائع عدة، فمن جهة لم تستطع روسيا حماية الميليشيات الإيرانية التي تعرضت لقصف بالطيران الأمريكي ضمن التحالف الدولي، ولم تمنع عنها تلك الغارات التي استهدفت قافلة كانت تضم إلى جانب آليات عسكرية 50 جندياً.
ومن جهة ثانية، يبدو أن روسيا لم تنجح أيضاً في ثني الميليشيات الإيرانية عن مواصلة نشاطها في الجنوب السوري قرب القاعدة العسكرية الأمريكية، ما يؤشر إلى تعقيدات كبيرة تشهدها جبهة جنوب سوريا.
مستقبل الاتفاق
وكانت وكالة الأنباء الفرنسية قد نقلت عن مسؤول في وزارة الخارجية الأمريكية، قوله إن “الولايات المتحدة وروسيا لا تزالان تحاولان وضع تفاصيل الاتفاق، بما في ذلك كيفية مراقبة وقف إطلاق النار والقواعد التي تحكم منطقة منع التصعيد في الجنوب الغربي، وجود المراقبين”.
وقال المسؤول: “إننا ندرس خيارات مختلفة لترتيبات المراقبة بحيث يمكن تبادل المعلومات وحل الخلافات من خلالها”.
فيما أعرب دبلوماسي صرح لـ”فورين بوليسي” بأن الاتفاق جنوب غرب سوريا، ليس بالضرورة إيجابياً لروسيا، وقال: “أظن أنه بعد الفشل المهين في أستانا، كان بوتين بحاجة إلى نجاح ليعلن عنه وتحويل الانتباه عن فشل أستانا”.
وعلى صعيد التطورات الميدانية خلال الهدنة، ترافق إعلان وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف عن تشكيل مركز مشترك روسي أمريكي أردني مركزه عمان لمتابعة الهدنة ومراقبتها، مع كشف مصادر ميدانية في ريف درعا الشمالي لـ”السورية نت” عن إنشاء الروس لقاعدة عسكرية في بلدة موثبين بريف درعا الشمالي، الهدف منها الاجتماع الدوري والتنسيق مع قيادات النظام المسؤولة عن القطعات العسكرية التابعة له، وكذلك القيادات الإيرانية المتواجدة فيها والتي تلعب دوراً محورياً في اتخاذ القرارات فيما يتعلق بالجنوب السوري.