شهد يوم أمس الأول الأربعاء ظهورًا علنيًّا لأول مرة لأبو محمد الجولاني، قائد فرع تنظيم القاعدة في سوريا (جبهة النصرة)، حيث أعلن تحويل اسم “جبهة النصرة” إلى “جبهة فتح الشام”، مؤكدًا عدم تبعية التنظيم الجديد لأي جهة خارجية، وذلك بعد ساعات قليلة من كلمة صوتية لنائب زعيم تنظيم القاعدة “أبو الخير”، وإعطائه إشارة ضمنية للجبهة من أجل أن تتخذ هذه الخطوة.
ورصدت شبكة “الدرر الشامية” أبرز ردود الأفعال والآراء لدى المفكرين والكتاب الإسلاميين، في أعقاب بيان زعيم جبهة النصرة، حيث رحَّبت الغالبية العظمى من الشخصيات بخطوة فك الارتباط عن القاعدة، وأثنوا عليها، معتبرينها خطوة بالاتجاه الصحيح، ويجب أن تعقبها خطوات.
وبارك الدكتور إبراهيم سلقيني قرار جبهة النصرة الجديد قائلًا: “نبارك لجبهة النصرة خطوتها المباركة في فك الارتباط بالقاعدة، ونسأل الله أن تؤتي ثمارها وأكلها، وهي خطوة جاءت متأخرة جدًّا، لكن أن تأتي متأخرًا خير من ألا تأتي، لكن السياسات والخطط في المنطقة تغيَّرت كثيرًا جدًّا عما مضى، فنسأل الله أن تكون قراراتهم القادمة سريعة، ومتزامنة مع الواقع”.
وعلَّق الباحث السياسي والإسلامي “ماهر علوش” على البيان قائلًا: “ما قامت به جبهة النصرة من فك ارتباطها بالقاعدة يعتبر خطوة بالاتجاه الصحيح، إلا أنها ما زالت بحاجة إلى التأكيد بخطوات أكثر اندماجًا مع الشعب، ومن هنا على فصائل الشام -بما فيها جبهة النصرة- أن تطرح مشروعًا جامعًا خارج سقف الأيديولوجيا، بعيدًا عن الاختلافات الفكرية والرؤى الحزبية”.
وبارك الباحث الشرعي “حسن الدغيم” القرار قائلًا: “نبارك للإخوة في جبهة فتح الشام هذه الخطوة الجريئة، ونحمد الله تعالى على بداية طيِّ سجل القاعدة الأسود من بلاد الشام، وننتظر فتح السجل الأبيض”.
واعتبر الكاتب محمد سالم أن الخطوة جاءت متأخرة، لكنها بالاتجاه الصحيح، مطالبًا بأن تتبعها خطوات، حيث قال: “رغم كونها متأخرة جدًّا فإنه لا شكّ بأنَّ فك الارتباط خطوة في الاتجاه الصحيح، ولكنَّها غير كافية إذا لم تتبعها خطوات أخرى في التطبيق العملي للمعاني التي وردت في الميثاق الجديد لجبهة فتح الشام، حيث احتوى الميثاق على الدعوة لرفع الظلم، وتحقيق الأمن للناس، كل الناس”.
وطالب “أبو العباس الشامي”، أحد مؤسسي حركة أحرار الشام الإسلامية، ورئيس المجلس الشرعي للجبهة الإسلامية سابقًا، بأن تنفصل جبهة النصرة عن فكر الغلو، بالإضافة إلى الانفصال العضوي عن القاعدة؛ حيث قال: “الانفصال العضوي عن القاعدة جيد ومطلوب، ولكنه غير كافٍ؛ إذ نحتاج إلى انفصال عن فكر الغلو ونهجه أيضًا، وإلى تخيير الغلاة المتواجدين في النصرة، إما التوبة عن فكر الغلو، أو الفصل من التنظيم، بل من الساحة الشامية كلها، والله أعلم”.
وتعليقًا على ردود الفعل الأمريكية المُقلِّلة من أهمية فك ارتباط النصرة بالقاعدة، قال “أبو العباس”: “المشروع الأمريكي في حقيقته هو الدفع بتيار الغلو إلى الواجهة، ورفض أي مبادرة إصلاحية، أو مراجعات جادة، وتمكين هذا التيار من أدلة جديدة على دعواه أن النظام الدولي لن ينفع معه أي شيء، وبالتالي فالحل الاستمرار في السير على النهج القائم، ودفع الناس إلى القبول بهذا المنهج، هذا مراد أمريكا من المسارعة إلى رفض خطوة فك الارتباط، ومصادرة القرار بأنه لن ينفع مع النصرة شيء، إنه الدفع لظهور “داعش” أخرى في الشمال السوري، للقضاء على ما تبقى من الجهاد الشامي، أرجو أن يتنبَّه الجميع إلى هذا المكر، خاصة العقلاء والحكماء في جبهة النصرة (سابقًا)، والإصرار على التقدم في المراجعات، وعدم الاستجابة لاستفزازات الداخل أو الخارج، وليكن جميع الهم منصبًّا على إرضاء الله تعالى ومصلحة المسلمين، إنهم يريدون واجهة يحاربون مِن ورائها الإسلامَ، وتنفيذ مخططاتهم الإجرامية في القضاء على أمة الإسلام، أهل السنة، مع شرعية دولية لهذا الإجرام”.
ورفع الدكتور “عبدالكريم بكار” من لهجته، مبديًا انزعاجه من الطريقة التي تم بها إعلان فك الارتباط، حيث قال: “الانعتاق من القاعدة بالطريقة التي تم بها مهزلة، الانعتاق المطلوب من القاعدة هو انعتاق من غلوها وتهورها وتسلُّطها”.
الجدير بالذكر أن شخصيات كثيرة وبارزة تابعة للفصائل الثورية، خاصة حركة أحرار الشام الإسلامية، وجيش الإسلام، وفصائل تابعة للجيش الحر رحَّبت بالخطوة، وأعربت عن أملها بأن تكون فاتحة خير، من أجل تحقيق مشروع جامع يحقق أهداف الثورة السورية، وطالبت جبهة النصرة بالاستمرار في المراجعات الفكرية، استكمالًا لما بدأته.
استمع لبث راديو العاصمة بالضغط على زر التشغيل في الأعلى، وانتظر 30 ثانية ليبدأ البث في أجهزة الموبايل.