دفع فشل النظام السوري أمام الجيش الحر في عدة مناطق تقع في جنوب سوريا في الأشهر الماضية؛ لعودته من جديد إلى سلسلة المفاوضات التي انتهجها على مدار العام الماضي، وخصوصا بهدف السيطرة على معبر نصيب الحدودي مع الأردن.
وكان النظام السوري قد تمكن العام الماضي من السيطرة على عدة مدن وبلدات بريفي درعا الشمالي والغربي والشمالي الشرقي عبر ما يسميها بـ”المصالحات”.
ومنذ أسابيع، تحاول قوات النظام التقدم باتجاه معبر نصيب الحدودي مع الأردن، في محاولة منه لضبط الحدود وقطع الخط الرئيسي الذي يمد الفصائل بالدعم العسكري واللوجستي، إلا أن جميع تلك المحاولات فشلت، كما مُني النظام بخسائر بشرية في صفوفه، ليتراجع مجددا باتجاه مواقعه في مدينة درعا، قبل أن يلجأ مؤخراً لـلمفاوضات من جديد، سعيا منه لاستلام المعبر.
ويقول عثمان عيّاش، وهو قائد إحدى المجموعات العسكرية في الجبهة الجنوبية التابعة للجيش الحر، إن النظام شن، منذ 22 آذار/ مارس الماضي وحتى الأول من أيار/ مايو الجاري، أكثر من 17 هجمة باتجاه المناطق المحيطة بالمعبر، “في محاولة منه الوصول إليه، إلا أنه وفي كل مرة كان يفشل في ذلك، رغم اشتداد القتال واستخدامه كافة أنواع الأسلحة في الهجوم، ويتكبد العديد من عناصره بين قتيل وجريح”، وفق قوله.
وأضاف لـ”عربي21“: “المعارضة كانت تدرك تماما هدف النظام الأول من التقدم باتجاه المعبر، فبوصول النظام للمعبر سيتمكن من إطباق الخناق على مناطقها وشطرها إلى نصفين، شرقي يضم مناطق الريف المحاذي لريف السويداء الغربي وصولاً إلى مدينة بصرى الشام، وغربي يضم مزيريب وطفس وجاسم ونوى وصولا إلى ريف دمشق الجنوبي وكناكر، وبالتالي ستكون المعارضة في هذه الحالة بوضع مزر جدا”، على حد وصفه.
وبين عيّاش أنه قبل نحو أسبوع، أرسل النظام عبر وسطاء له؛ ورقة تضمنت اتفاقية من عدة بنود، نص أولها على انسحاب قوات النظام من عدة مناطق سيطرت عليها عام 2016، وعلى رأسها الفقيع والشيخ مسكين والصنمين وأجزاء من خربة غزالة وأجزاء من منطقة إزرع، مقابل سيطرته على البلدات الفاصلة بين مناطق سيطرته في مدينة درعا ومعبر نصيب الحدودي الواقع إلى الجنوب الشرقي منها، كما نصت على إيقاف القصف على مناطق المعارضة كاملة وتسليم الأجزاء المتبقية من حي المنشية.
ولفت إلى أن “المعارضة رفضت هذه المقترحات بشكل كلي” وتوعدت بعمليات عسكرية قريبة تعيد جميع المناطق التي خسرتها العام الماضي”، كما قال.
بدوره، قال الصحفي عبد الوهاب عاصي إن هدف النظام الآن “هو إضعاف المعارضة عبر تقسيم مناطقها إلى أجزاء متفرقة غير مرتبطة بالأخرى”.
وأوضح في حديث لـ”عربي21“؛ أن وصول النظام السوري إلى المعبر يعني عزل مدن المسيفرة، وبصرى الشام وبصر الحرير وصيدا عن بقية سيطرة فصائل المعارضة في حوران، “وبالتالي يسهل على النظام السيطرة عليها لاحقا عبر سياسة القضم البطيء التي يتبعها في كافة المناطق”، وفق تقديره.
وذكر أن “السيطرة على المعبر تعني احتمال قيام الأردن بإعادة فتح العلاقات مع النظام الذي يعول كثيرا على ذلك، وستكون المعارضة في هذه الحالة أمام واقع عسكري جديد يميل نحو تضييق الخناق عليها، كما أن استراتيجية السيطرة على المعابر الحدودية، والتي من بينها نصيب، كانت أولى خطوات التدخل الروسي في سوريا، لما لذلك من أهمية في إعادة الشرعية للنظام، وإعادة فتح الممرات التجارية البرية المغلقة منذ سنوات مع دول الإقليم، وقطع طرق إمداد المعارضة الرئيسية”، على حد قوله.
أما المحامي والناشط توفيق عجوز؛ فقد اعتبر أن الهدف من سيطرة النظام على المعبر، بالدرجة الأولى، هو “إفشال أي عمل عسكري قد تقوم به المعارضة بدعم الأردن أو بريطانيا أو الولايات المتحدة في المنطقة، إضافة لإعادة بسط السيادة وإثبات الوجود، حتى وإن كان ذلك بالاسم فقط”، كما قال.
وترى الكاتبة والناشطة هويدا علي؛ أن الأسباب اقتصادية أكثر مما هي عسكرية أو سياسية، “لا سيما في ظل الانهيار الاقتصادي الذي أصاب النظام على مدار العام الماضي”، كما تقول، وهو ما يذهب إليه أيضا الإعلامي والناشط الميداني آلند شيخي؛ الذي اعتبر أن “إقامة النظام للمعبر الفاصل بين مناطق سيطرته في دمشق ومناطق سيطرة المعارضة بريف درعا، هي ردة فعل من قبله بسبب فشله في السيطرة على معبر نصيب الحدودي” وبالتالي لجأ لاستبدال الأرباح الخارجية بأرباح داخلية على حساب المعارضة”، وفق تقديره.