يحشد نظام بشار الأسد والميليشيات المساندة له تعزيزات عسكرية في درعا جنوب سوريا، وسط اشتداد المعارك بين قوات النظام وفصائل المعارضة التي باتت قاب قوسين من السيطرة على حي المنشية الاستراتيجي.
وتعد محافظة درعا وريفها منطقة هامة لنظام الأسد، لكونها تمثل البوابة الجنوبية للعاصمة دمشق، فضلاً عن أنها إحدى قواعد الميليشيات الإيرانية، بالإضافة إلى ميليشيا “حزب الله” اللبناني.
ولا يمكن فصل تعزيزات قوات النظام التي تم رصدها مؤخراً عن المصالحات التي حصلت في بعض المناطق بالجنوب السوري، إما عبر التنسيق مع تلك المناطق أو إجبارها عنوة على الدخول في “المصالحات” تحت سلاح القصف والتجويع كما هو الحال في مناطق “محجة، والصنمين، وغباغب”.
ويشار إلى أن النظام يضخم عبر وسائل إعلامه لملف المصالحات في الجنوب السوري، عندما أعلن الوصول إلى “مصالحات” في قرى هو بالأساس مسيطر عليها مثل “الشقرانية، وبلي، والسويمرة، ودير البخت، والمسمية، والشيخ مسكين، وعالقين، وبراق، والفقيع، ومنكت الحطب، والزبيدية، وقيطة، ومنشية السبيل، وكمونة”، وبعض هذه المناطق لا يتعدى عدد المنازل فيها 20 منزلاً، وأغلبها تقع على حدود ريف دمشق ولم يسيطر عليها الجيش الحر.
ويكمن الهدف من هذه التعزيزات تأمين (الطريق الدولي والطريق القديم دمشق – درعا)، وزاد النظام منها عقب اندلاع معركة حي المنشية و فرض قوات النظام لوجودها في القرى التي فرضت فيها “المصالحات” والغاية في النهاية تأمين شريان الحياة لقواتها في الجنوب.
وبدأت عمليات التعزيز العسكري في بداية العام الماضي من منطقة الوردات في اللجاة، ثم امتدت حتى الطريق السريع الدولي وصولاً إلى إزرع، وفي الوقت نفسه قامت قوات النظام بالسيطرة على مدينة الفقيع الواقعة على طريق دمشق – درعا القديم.
وفي الآونة الأخيرة، واصلت قوات النظام تعزيز الحواجز على طول (إزرع – بصر الحرير) حتى المطار الزراعي شرق قرية نامر، ووفقاً لمعلومات حصلت عليها “السورية نت” من مصادر في المعارضة السورية فإنه تم رصد 3 دبابات جديدة على حاجز مليحة العطش الذي يضم (40) عنصرا، بالإضافة إلى مقاتلين أفغان، وآخرين من ميليشيا “حزب الله” الموجودين في إزرع .
وتعتمد قوات النظام في إنشاء التحصينات على بناء خطوط دفاعية (حواجز الرملية) تربط مواقعها ببعضها، من أجل جعلها أقل استهدافاً وأقل عرضة للخطر من قبل قوات المعارضة التي لديها قدرات كبيرة في التعامل بمضادات الدروع، وفي ذات الوقت الذي حصنت فيه قوات النظام نفسها، أصبحت تنصب الكمائن لسيارات مقاتلي المعارضة وألياتهم واستهدافهم بمضادات الدروع، حيث اعتمد النظام هذا الأسلوب في الكتيبة المهجورة غرب صيدا بالقرب من خربة غزالة، وفي شمال مدينة الشيخ مسكين.
وتستفيد قوات نظام الأسد بدرجة كبيرة من خبرات ميليشيا “حزب الله” و”الحرس الثوري” الإيراني، كما تتبع طرقاً روسية في التحصين، وهو ما ظهر جلياً في معارك الكتيبة المهجورة في 30 أكتوبر/ تشرين الأول 2016 شرق إبطع من خلال التمويه وحفر ملاجئ تحت الأرض واتباع أسلوب الالتفاف في القتال، أي جعل مقاتلي الجيش الحر يتقدمون ويعتقدون أنهم سيطروا على المنطقة، حتى يجعل النظام منهم هدفاً ويوقعهم في كمائنه.
وتشير التعزيزات الأخيرة التي زج بها النظام بالتزامن مع معارك حي المنشية، بأنه يعمل على خطط بديلة، ذلك أن النظام يحشد عسكرياً في منطقة مثلث الموت (الممتدة من من كفر ناسج في ريف درعا حتى بلدة مسحرة في ريف القنيطرة)، ومن المتوقع أن يتحرك النظام مع بدء تحرك تنظيم “الدولة الإسلامية” في حوض اليرموك للسيطرة على مناطق جديدة مثل نوى والشيخ سعد.
وتقوم خطة قوات النظام على انتظار تحرك مقاتلي المعارضة ضد “تنظيم الدولة” لتقوم تلك القوات بضرب المعارضة من الخلف كما حصل في المعركة السابقة التي سيطر خلالها “تنظيم الدولة” على قرى حوض اليرموك.
وفي 29 مايو/ أيار 2017، استجلب النظام تعزيزات عسكرية كبيرة إلى محافظة درعا على الطريق الدولي (أوتوستراد دمشق درعا)، وادعت وسائل إعلام موالية للنظام عن حشود ضخمة بينها قوات من “الفرقة الرابعة” بهدف استرجاع كامل محافظة درعا.
وذكرت مصادر عسكرية لـ”السورية نت” معلومات عن وجود معسكر بإشراف قوات روسية في السويداء، وقالت إنه وفقاً للمعلومات يجري التخطيط للهجوم من شرق محافظة درعا باتجاه بصرى الشام، بالموازاة مع هجوم للنظام باتجاه داعل وإبطع غرباً، وبصر الحرير ومليحة العطش شرقاً.
وكانت قوات المعارضة قد هاجمت مواقع لقوات النظام في خربة غزالة، والمهجورة، ودرعا المدينة، بعد استقدام تعزيزات عسكرية، وأُجبرت قوات النظام إلى العودة إلى مدينة إزرع.
وذكرت مصادر ميدانية في الجيش السوري الحر أن النظام يخطط لعمل عسكري أكبر، مشيرين إلى أنهم يتوقعون هجوماً مماثلاً لهجوم النظام على الشيخ مسكين وعتمان، حيث اتبع النظام وحلفاؤه سياسة الأرض المحروقة، واستخدموا سلاح الجو والمدفعية بفعالية أكبر.