عشرة أطفال تصل أعمارهم إلى السادسة يلعبون بألعابهم ويبنون حدائق كرتونية للحيوانات في غرفة ملونة، مرسوم على جدرانها حيوانات ورواد فضاء ومركبات فضائية، في مدينة دورتموند الألمانية.
هذا المكان ليس روضة أطفال ألمانية تقليدية، بل إنه مكان للرعاية النهارية مخصص لأطفال اللاجئين، كي يتمكن آباؤهم وأمهاتهم من حضور دروس اللغة الألمانية أو الذهاب من أجل المعاملات في الدوائر الرسمية الألمانية، دون الاضطرار إلى جلب أطفالهم معهم إلى هناك.
ليس هذا المكان إلا أحد المشاريع التي أطلقتها منظمة “أفريكان تايد”. وهي منظمة تطوعية تأتي في صدارة المنظمات الخيرية الرامية لمساعدة اللاجئين الأفارقة في ألمانيا، ويديرها أشخاص هم أنفسهم وُلِدوا في إفريقيا كانوا قد اضطروا للفرار إلى ألمانيا أو هاجروا إليها في الماضي لأسباب أخرى.
يقع مقر المنظمة الرئيسي في دورتموند، وهي مدينة صناعية غربي ألمانيا، يبلغ عدد سكانها نحو 600 ألف شخص. تدير المنظمة مركزين للرعاية النهارية، وليس هذا فحسب، بل تقدم مجموعة متنوعة من البرامج للمهاجرين واللاجئين البالغين، تشتمل على دروس اللغة الألمانية ودورات الكمبيوتر الهادفة إلى تأهيلهم لسوق العمل الألمانية.
كما تدير منظمة “أفريكان تايد” مأوى للاجئين الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 18 وَ25 عاماً والذين كانوا قد جاؤوا إلى ألمانيا دون أسرهم، كقاصرين غير مصحوبين بذويهم. ويساعدهم اثنان من الأخصائيين الاجتماعيين الشباب في عملية انتقالهم من حياة القاصرين إلى حياة اللاجئين البالغين الجديدة.
مهاجرون يساعدون مهاجرين
“إيفون تشيبو ماكوبا” من زيمبابوي، جاءت لأول مرة إلى ألمانيا كطالبة في المدرسة الثانوية ضمن منحة للتبادل الثقافي، وقررت البقاء في ألمانيا بعد أن أنهت الدراسة في جامعة بادربورن الألمانية.
وهي مِن الأخصائيين الاجتماعيين في مأوى “أفريكان تايد” للاجئين، واسمه: مركز الأمل الأفريقي “أفريكان هوب سينتَر”. وتعتقد ماكوبا أن تجربة الهجرة -التي مرت بها هي نفسها ومعظم زملائها- تجعلهم مؤهلين بشكل فريد للعمل في مساندة اللاجئين الجدد.
وتؤكد في هذا السياق أن “هناك بعض المشاكل أو الحواجز التي يواجهها جميع الأجانب في ألمانيا، بغض النظر عن المكان الذي ينحدرون منه أو كيفية وصولهم إلى ألمانيا”. و”لا يوجد أفضل من أن يساعد المهاجرين أو اللاجئين مهاجرون أو لاجئون مثلهم”.
أسس منظمة “أفريكان تايد عام 2010 سبعة وافدين أفارقة يعيشون في دورتموند وما حولها. وهدفهم هو: بناء شبكة دعم تساند المهاجرين الأفارقة في مساعدة أنفسهم ذاتياً، وذلك في محيط يكافحون فيه من أجل تربية أطفالهم في بيئة غير مضيافة في كثير من الأحيان، وخصوصاً أن “بلدية المدينة والدوائر الرسمية المحلية معتادة أكثر على العمل في مساندة المهاجرين من خلفية تركية، وليس المهاجرين من خلفية أفريقية”، كما ترى رئيسة المنظمة دريسمان.
وهي نفسها والدة لثلاثة أطفال، عمرها 43 عاماً، وجاءت إلى ألمانيا في عام 2000 بعد أن تعرّفت في موطنها نيجيريا على رجل أصبح زوجها، وكانت من مؤسسي المنظمة.
وبسبب حاجة المهاجرين واللاجئين من البلدان غير الأفريقية، فتحت منظمة “أفريكان تايد” خدماتها للوافدين من بلدان أخرى، وذلك بعد فترة وجيزة من تأسيسها.
وبات الوافدون من بلدان الشرق الأوسط -وخصوصاً من سوريا والعراق- هم أكبر فئة مستفيدة من خدمات “أفريكان تايد، في حين أن المهاجرين واللاجئين الأفارقة يشكلون حوالي 25 في المئة فقط من المستفيدين من خدمات هذه المنظمة الخيرية في ألمانيا.