ماكينة الروتين تفتك بإبداعات الشباب السوري
شبكة العاصمة اونلاين – خاص
عبد المجيد مصطفى – مقال رأي
يعمل الشاب الموهوب على تنمية مهاراته عادة، وتتم تنميتها بالتدريب والإعداد لها والعمل عليها، إلا في واقع مجتمعنا السوري للأسف قبيل الأحداث التي عصفت في بلادنا كانت المواهب مكبوتة لا يستطيع أحد إبرازها خوافاً من البعبع الأمني والجدران التي تحمل أذان، أما الأن فالشباب قد أنطلق بثورة فكرية وعقلية أثمرت بمواهب ستنهض بالبلاد مستقبلاً بإذن الله .
لكن للأسف في الواقع الذي يعيشه أبناء الشعب السوري الآن، سواء في المغترب أو داخل البلاد فهو واقع صعب يقف كجدار عالي في وجه الشباب الموهوب، كثير من الشباب الموهوب الآن في الداخل السوري سواء كان في المناطق المسيطر عليها من قبل نظام الأسد أو من قبل المعارضة، تجده مفتقر للمعدات، بسبب غلاء الأسعار الفاحش خاصة الموهوب في الأشياء التي تتطلب معدات الكترونية كموهبة التصوير أو التصميم، عدا عن الإفتقار للكهرباء وهي العصب الأساسي لعمل المعدات الإلكترونية، وتقف هذه المعوقات أيضا في وجه الكتاب والشعراء، إذ أنهم لا يتفرغون لكتاباتهم إلا في وقت المساء بسبب الإنشغال بالعمل ليؤمن قوت حياته، فهنا تقف الكهرباء والغلاء الفاحش ويضاف اليها التشديد الأمني على الموهوبين داخل البلاد .
الشباب المُبدع خارج سوريا:
إنتقالاً للمغترب وخاصة الشباب السوري في بلده الأخر كما يقول الكثير منهم، وهي تركيا أرض السوريين الآن!، هنا الشباب كثير من الأمور تعيق تقدم مواهبهم .
والسبب هو طبيعة المعيشة في هذه البلاد إذ أنها غالية ماديا، وتجد الشباب يسعى لنيل وجلب رزقه، هنا تجد العائق الأكبر وهو الوقت الطويل في العمل فهو ينفق ساعات يومه كلها في العمل إذ أن الشاب يعمل لمدة طويلة تتجاوز 12 ساعة أحياناً، بعد كل هذا العمل والجهد الذي يبذله الشاب في العمل يعود لمنزله منهك من شدة التعب، ترى النوم لا يفارق عيونه، فيسقط ملقى على سريره حتى صباح اليوم الأخر لينهض على نفس الشاكلة ويتكرر معه الروتين اليومي، فلا يتيح له العمل أن يخرج موهبته التي يقيدها له العمل الطويل، إذ أنه يأخذ منه كل الوقت والطاقة.
مضافاً إلى وقت العمل أيضا إرتفاع الأسعار الفاحش، إذ يقف الشاب وينظر إلى الأسعار، تمتلئ عينيه بالدموع ويوقد في قلبه حرقة إذا زفر فإنها ستحيل الجليد جمرا لا محالة، إذ أن هذه المعدات الإلكترونية يصل سعرها ضعفي أو ثلاثة أضعاف راتبه .
مضيفا إلى ما سبق قصتي مع الغربة، إذ أني عملت هنا في اسطنبول في أحد الأسواق التجارية للفلكلور
الشعبي، كانت ساعات العمل 12 ساعة تزيد ونادرا ما تنقص، تقتل كل طاقتي في العمل فأنا أسعى لأنمي المواهب التي عندي، وقتها بدأت بكتابة قصة ألخص فيها حياة شخص ثائر، وكنت أضيف إليها بعض الأشعار التي كنت أخطها بين السطور ، لكن كان الوقت والتعب يغلبني، منهك ومتعب أريد أن أكل طعام العشاء وأخلد للنوم كي أريح بدني بعد أن أرهقه التعب فتوقفت عن الكتابة بسبب وقت العمل، وأمثالي كثيرون ..