دراسة استراتيجية لوصل الخليج العربي ببحر العرب
شبكة العاصمة اونلاين – خاص
ابراهيم العبدان
يعتبر مضيق هرمز من أكثر الممرات المائية تأثيراً في سياسة الدول الإقليمية في الخليج العربي، ما دفع مركز القرن العربي للدراسات لطرح دراسة تجرد فيها هذا المضيق من أي فائدة استراتيجية حقيقة وذلك عبر ما يعرف بـ “قناة سلمان”.
قناة سلمان أو قناة العرب هي مشروع ضخم جداً يشير لقناة مائية تربط الخليج العربي ببحر العرب عبر الأراضي السعودية، وأوضح سعد بن عمر رئيس مركز القرن العربي للدراسات أن القناة تنطلق من سواحل الخليح العربي في الأراضي السعودية بقرب الحدود القطرية بمسار رئيسي وآخر فرعي احتياطي، وتمر عبر صحراء الربع الخالي بامتداد 630 كلم، ليبلغ الطول الكلي لها (بعد مرورها في الأراضي اليمنية في المحور الرئيسي أو العمانية في المحور الفرعي) 950 كلم، بعمق 25 متراً وعرض 150 متراً.
80 مليار دولار لكامل القناة هي التكلفة الأولية المقدرة من قبل المركز، في حين يرى مختصون أن التكلفة الحقيقية يمكن أن تتجاوز 500 مليار ريال سعودي بفترة زمنية تزيد عن 30 سنة.
الربع الخالي .. فوائد ومميزات:
أحد الصعوبات أمام تحقيق مثل هذا المشروع الاستراتيجي هو صحراء الربع الخالي في جنوب شرق السعودية، فالدكتور أحمد فوزي دياب، أستاذ المياه بمركز بحوث الصحراء وخبير المياه بالأمم المتحدة، يقول: “يتواجد في صحراء الربع الخالي كمية كبيرة من الكثبان الرملية المتحركة التي تؤدي إلى صعوبة إنشاء القناة المائية، لأنها تعوق قيام أي منشأ هندسي إلا بتكلفة باهظة لحماية هذا المنشأ من زحف الكثبان الرملية أو ردمه بها”.
إلا أن مدّ 1200 كلم من الشواطئ البحرية في منطقة الربع الخالي سيقدم دفعة هائلة للمنطقة في مجال التنمية والسياحة والطاقة وتحلية المياه والمزارع السمكية وفرص العمل والاقتصاد، ويتوقع حتى ظهور عدد من المدن قريباً من القناة في حال رأى المشروع النور، لا سيما أن منطقة الربع الخالي تضم مخزوناً جوفياً وبيئياً هائلاً وتحتوي على وفير من الخامات المعدنية والبترول.
بالإضافة لانخفاض منطقة الربع الخالي نسبياً عن سطح البحر (300 متر هو الارتفاع الأقصى الموجود) ما يمنح للمنطقة ميزة إضافية تسهل مرور المشروع عبرها، علماً أنّ أراضي اليمن أو عمان لا يقل الارتفاع عن سطح البحر فيها عن 500 متر، مع كونها أراضٍ ذات صخور صلبة.
وبحسب الدراسة فإنه يتوقع إنشاء 20 نفقًا للسيارات والمشاة على الضفاف السعودية، مع تخطيط ثلاث مدن سكنية ومدينتين صناعيتين، وبحيرات صناعية متعددة لصيانة السفن.
قناة سلمان أو أنبوب نفطي ؟!
يرى أحمد فوزي دياب خبير المياه الدولي أن تصدير النفط عن طريق “أنبوب” أفضل من القناة الجديدة، فهو أقل تكلفة وأكثر أمانًا برأيه، ناهيك عن احتياج مشروع القناة إلى عدة دراسات أولية وتفصيلية تستغرق عدة سنوات، ومراحل تنفيذ تمتد من 20 إلى 30.إلا أن محللين آخرين يرون أنه رغم المدة الطويلة والتكلفة الكبيرة التي يتطلبها مثل هذا المشروع، إلا أنّ الفائدة السياسية التي يمكن أن تقدمها القناة للسعودية تتخطى هذه الأرقام، فمضيق هرمز الذي يشكل رئة الخليج العربي مع السعي الإيراني الحثيث للسيطرة عليه وخنق دول الخليح العربي، يعني أنه سيصبح هامشي تماماً، فالمشروع الذي سينطلق من الأراضي السعودية والقطرية والبحرينية سيحرم مضيق هرمز من أي أهمية استراتيجية إقليمية، ولربما سيقضي على مخططات استراتيجية للحكومة الإيرانية.
مصر واليمن .. مستفيد آخر من المشروع
ففي تصريحات صحفية مبشرة أشار مدير إدارة التخطيط والبحوث بهيئة قناة السويس، محمود رزق، أنّ قناة سلمان ستكون مفيدة جداً في حال إتمامها بالنسبة لقناة السويس، لاسيما مع تقارب عمق القناتين ما يعني تقارب قدرات القناتين على إمرار نفس حجم السفن (عمق قناة السويس 24 مترا).
كذلك فإن الحكومة اليمنية التي يمر عبر أراضيها المسار الرئيسي للقناة تمتلك فرصة كبيرة لتنمية شرق اليمن الذي يعاني من الإهمال وضعف التنمية، كما تخلق القناة مليون فرصة عمل إضافية في اليمن ما يزيد من دخل الدولة والمواطن على حد سواء.
قناة سلمان مشروع ضخم ذو تكلفة خيالية ووقت طويل جداً، إلا أنه يغني عن المرور بباب المندب تماماً، ويعيد تشكيل المعادلة السياسة في المنطقة، ويخفف من النفوذ الإيراني المتزايد بعد الاتفاق النووي الأخير، ما يمنح المشروع ميزات كبيرة وفوائد جمة رغم التكاليف والصعوبات والمخاطر، لكن يبقى السؤال: مثل هذا المشروع هل سيكون قراراً سعودياً بحتاً ؟!.
قناة سلمان حلم عربي وكابوس إيراني