اهتمت بعض عناوين كبريات الصحف البريطانية اليوم بنذر الأزمة السياسية التي تلوح في أفق ألمانيا بعد إعلان المستشارة أنجيلا ميركل فشلها في تشكيل ائتلاف حكومي بعد شهر من المفاوضات الشاقة.
فقد لخصت افتتاحية صحيفة التايمز سيناريو فشل ميركل في تشكيل الحكومة بأنه سيضر ألمانيا وأوروبا، وأنها ستواجه أسوأ أزمة سياسية في حكمها الذي استمر 12 عاما، نظرا لفوزها بفارق ضئيل في انتخابات سبتمبر/أيلول الماضي، رغم الافتراض الشائع بأنها كزعيمة أكبر حزب سياسي -الحزب المسيحي الديمقراطي- كانت ستتمكن من تشكيل حكومة ائتلافية مستقرة، وبذلك أصبحت أيامها في الحكم معدودة، وتتجه السيناريوهات السياسية المقبلة إلى تشكيل ميركل حكومة أقلية أو اللجوء إلى انتخابات سابقة لأوانها.
ورأت الصحيفة أن ما يجري يشكل أخبارا سيئة لأوروبا، حيث إن خطط الإصلاح التي وضعها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون تعتمد على ألمانيا قوية داعمة لمحور باريس-برلين الحيوي الجديد، ولكن إذا ذهبت ميركل فسيكون موقف ماكرون في مهب الريح.
كما أن المناخ الداخلي غير المستقر يعيق بريطانيا وإسبانيا وإيطاليا, ويعيش سكان أوروبا الوسطى حالة من الشكوك الأوروبية المتزايدة، ومع ذلك فقد أصبحت ميركل أسيرة أخطاء الماضي، ولم تعد الزعيم بلا منازع في أوروبا.
وختمت الصحيفة بأنه من المرجح أن تكون الانتخابات الجديدة مدرجة في جدول الأعمال عاجلا غير آجل، وأنه في حالة فشل رد فعل الرئيس الألماني فرانك فالتر شتاينماير الأولى على الأزمة بدعوة الديمقراطيين الأحرار إلى العودة لطاولة المفاوضات وإقناع الديمقراطيين الاشتراكيين باتخاذ نهج أقل عنادا لإحياء تحالف كبير مع ميركل، فإن النتيجة يمكن أن تكون حكومة أقلية غير مستقرة أو حل البرلمان، وفي كلتا الحالتين ستضطر المستشارة الألمانية للاستسلام.
“
في حالة فشل الرئيس الألماني فرانك فالتر شتاينماير في معالجة الأزمة، فإن النتيجة يمكن أن تكون حكومة أقلية غير مستقرة أو حل البرلمان
“
وفي السياق، كتبت الغارديان في افتتاحيتها أيضا أن فشل محادثات الائتلاف الثلاثي في ألمانيا قد يجعل من الصعب على ميركل البقاء في منصبها.
وعلقت الصحيفة بأنه ما لم تنته أزمة الائتلاف الثلاثي فإن ألمانيا يمكن أن تمضي في واحد من ثلاث طرق: فقد تحاول ميركل تشكيل ائتلاف مع الحزب الديمقراطي الاشتراكي المعارض، أو أنها قد تشكل حكومة أقلية مع حزب واحد فقط، وهو ما سيكون تجربة جديدة لألمانيا ما بعد الحرب، أو احتمال الدعوة إلى انتخابات جديدة في نهاية المطاف.
واعتبرت الصحيفة هذه لحظة مهمة لأن كل هذه السيناريوهات تشكل غموضا سياسيا كبيرا في قوة أوروبا، ومن المؤكد أن أصداء ذلك لن تتردد في ألمانيا فقط، حيث إن التأثير يمكن أن يكون مزعزعا للاستقرار أو قد يصدم ألمانيا نفسها بطريقة أو بأخرى.
ومن المؤكد أيضا أن يؤثر ذلك على توقعات الاتحاد الأوروبي لإعادة تشغيل مشروعه، في وقت تحتاج فيه ملفات منطقة اليورو، والأمن والهجرة، وتدخل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، والعلاقات مع تركيا، والتراجع الديمقراطي في بولندا والمجر، والبريكست؛ إلى تركيز الاهتمام.
وختمت الصحيفة بأن أي انتخابات جديدة، إذا تمت في نهاية المطاف، فإنها يمكن أن تفتح إمكانية لألمانيا ما بعد ميركل، حيث إنه من غير الواضح إذا كان يمكن للمستشارة أن تبقى في منصبها.
المصدر : الجزيرة ، الصحافة البريطانية