العاصمة اونلاين – الرأي – خاص
ريم العمر
عندما يكونوا أطفال نستاء من “بكائهم ونقهم وشكاهم” ونعتقد أن همومنا كبيرة لأن أطفالنا مشاغبين، ننسى لحظاتهم والأوقات التي نقضيها معهم هي أجمل الأوقات و أن همومهم الأن هي أبسط الهموم” أخدلي كيس الشيبس – ما كتب وظيفته – جاب علامة متدنية – ما صلى لحاله – ضرب أخوه – دايما ماله نعسان ، بطنه وجعه مشان ما يروح على المدرسة – قام بليل خايف من صوت الرعد …الخ”
كم هي هموم جميلة ومضحكة وممتعة لوأننا نظرنا لها من هذا المنظور، وما أجمل أصواتهم بالبيت ضحكاتهم و بكائهم و عنينهم، ألعابهم المبعثرة التي نَملُ من اعادة ترتيبها..
سيكبرون يوماً ونكبر معهم ونتذكر بل ونتمنى لو أننا نجد لعبة من ألعابهم لنشتم رائحة طفولتهم البريئة التي كان أكبر همومها فيها كيس الشيبس..
سيكبرون وينشغلوا عنا إما لدراستهم أو لأزواجهم وأطفالهم وحياتهم و مستقبلهم، و نحن سننشغل لكن بالدعاء لهم، و بالانتظار على الشرفة تارة و على الباب تارة لنستقبلهم، سننشغل بتخبأة أكلاتهم المفضلة حتى يجدوها جاهزة عند زيارتنا..
سيكبرون ويبدأ صراعهم مع أطفالهم كصراعنا من قبل و البحث عن أسهل الطرق لتعليمهم و تربيتهم بالشكل الصحيح و السليم، ونحن سننشغل بالحديث عنهم أينما جلسنا و ذكر محاسنهم أمام كل من نصادف، ستشغلنا صورهم و نحن نتابعها بكل تفاصيلها، وتارة سنبكي و تارة نضحك و تارة نرفع الهاتف لنقول لهم أننا اشتقنا لهم، و أننا بانتظارهم في عطلة الأسبوع ونغريهم بالمأكولات المحببة على قلوبهم لنحظى برؤيتهم و تقبيلهم و شمهم من جديد، نعم سننشغل بالنظر الى وجههم التي كبرت أمام أعيننا، و نحبها رغم كل أخطائهم، ونستمع لهمومهم وشكواهم وسنطلب من أحدهم مساعدة أبنائنا بأمر أهمهم،وسيغضبون منا!!
سأبقى أشبه أبيهم بكل واحد منهم بكل حركة يتصرفها، وسيشبهني أبيهم بهم بتصرفاتي و ضحكاتي و عنادي و طلباتي، و نعود من البداية عندما تنتهي الزيارة ننتظرهم وندعوا لهم و نحكي عنهم و نشاهد صورهم و نبكي و نضحك و نروي قصصهم لبعضنا البعض وكأننا للمرة الأولى نسمعها لكنها الأولى بعد الألف.
سنكبر و سنموت و سيبكون علينا و سينسونا و يتذكرونا بين الفينة و الأخرى ليرددوا (أيييه الله يرحمهم يارب) ثم يعود عليهم صوت طفلهم من جديد و يقول هل اشتقت لجدي و جدتي؟
هل سيدعوا لنا بعد موتنا؟ أم هل سيدعوا علينا؟ هل سينسونا؟
لكننا و نحن في قبورنا نسأل الله أن يتعاهدهم بحفظه و رعايته.