حذّرت شبكة تعليمية عربية، من تغييرات ستجريها حكومة النظام السوري على المناهج التعليمية في المدارس.
وقالت شبكة “زدني للتعليم”، إن التغييرات التي قام بها النظام السوري بعد الثورة، لم تقتصر على الجانب الاجتماعي، والاقتصادي، بل طالت الجانب التعليمي.
وأوضحت الشبكة خلال تقرير اطلعت عليه “عربي21″، أن التغييرات على التعليم جاءت حسب السياسة الخارجية، حيث حسّنت صور الدول المؤيدة للنظام، وأظهرت خلاف ذلك تجاه الدول الداعمة للثورة.
وعن أسباب إضافة اللغة الروسية إلى جانب الفرنسية، والإنجليزية للطلبة، نقلت “زدني”، عن
أحمد باريش، وهو مشرف تربوي يتحدث اللغة الروسية، من ريف إدلب، قوله: “يجب علينا جميعا أن نحاول تعلم اللغات فهي مفيدة للشخص حيثما رحل، ولكن إذا دخلت الروسية في المنهاج التدريسي، فبالطبع سيكون لها تأثير كبير على المنهاج بشكل عام وعلى الطالب بشكل خاص”.
وتابع بأن “إدخال اللغة الروسية في هذا الظرف له تداعيات سياسية بالدرجة الأولى، كونه قرارا سياسيّا بامتياز بعيدا عن الجانب التعليمي”، لافتا إلى أن اللغة الروسية مرتبطة في أذهان الكثيرين من الشعب السوري بموقف سياسي بالدرجة الأولى، مع أن الأدب الروسي لم يكن بعيدا عن حياة السوريين الذين مضى جيلٌ منهم على الالتزام بالماركسية أو الاهتداء بها.
وأكد المدرس الذي نقلت “زدني” عنه، أن مؤيدي النظام باتوا يتذمرون في الآونة الأخيرة من العملية التعليمية.
وقال إن “النظام لم يعد يهتم بالتعليم بسبب العبث بالمناهج، إضافة إلى اكتظاظ المدارس، وتأخر طباعة الكتب المدرسية، وعدم توفير بنية تحتية مناسبة، كما أن أجهزة النظام الأمنية لا تتوقف عن متابعة المدارس، وتوجيهها واعتقال أي مدرس يشك بعدم موالاته للنظام الحاكم”.
ووثقت الشبكة السورية لحقوق الإنسان (منظمة سورية غير حكومية) اعتقال الآلاف من الكوادر المدرسية في سوريا لأسباب سياسية، منذ بدء الثورة.
ومع تزايد تصريحات شخصيات موالية للنظام، بضرورة إلغاء مادة التربية الدينية، نقلت “زدني” عن ناصر غزال، إمام أحد المساجد، وأستاذ تربية دينية، قوله إن “السوريين يعرفون أن نظام الأسد جعل من مادة التربية الدينية مادة ثانوية، في مناهج التدريس، حيث كان لها حصتان في الأسبوع فقط، وبمعدل علامات منخفض، كما أن نتائج هذه المادة لم تكن تدخل ضمن المجموع العام لطلاب الشهادة الثانوية، ولم تكن تفيدهم في المفاضلة للتسجيل الجامعي، لذلك لم تكن تشكل لهم مجال اهتمام دراسي”.
وأضاف بأنه “في نظرة سريعة للواقع التعليمي في سوريا في ظل حكم آل الأسد، نجد مدى البعد عن الحياة التعليمية والتربوية، حيث استخدم النظام كل المناهج التعليمية لشخصه ولإنجازاته المزعومة”.
كما نقلت الشبكة عن أحد الطلبة، قوله إن مادة التربية الدينية غالبا ما كانت للتسلية فقط، مضيفا: “لا أظن أن طالبا يدرس الثانوية يعطيها من وقته الكثير، كونها لا تدخل في المجموع العام”.
ولفتت الشبكة الأنظار إلى التغييرات التي تمّت بالمناهج حول التعاطي مع تاريخ الدولة العثمانية، حيث تم تغيير مصطلح “فتح”، إلى “دخول”، أو “الاستيلاء”.
وفي طبعة 2016/ 2017 من كتاب التاريخ للصف الثامن، تم إلغاء صفة “الفاتح” عن السلطان العثماني “محمد الفاتح”، ليصبح اسمه “محمد الثاني”.
موجهة الثانوي “بتول”، قالت إن أغلب المناهج التدريسية في سوريا، كانت وما زالت لا تخلو من سؤال حول “إنجازات” نظام الأسد، حيث تأتي الآيات القرآنية والأحاديث النبوية وأقوال “القائد” بشكل متلازم مع بعضها، بصورة تشوش فكر الطالب.
وقالت إن “نظام الأسد أحدث مادة خاصة بتمجيد سياسته أطلق عليها اسم (القومية) ليستبدل بالاسم فقط فيما بعد؛ لتصير (الوطنية)، مع بقاء المضمون الذي اختص بعرض إنجازات النظام المزعومة”.
وكانت الغاية من تدريس تلك المادة بحسب بتول، هي زرع أفكار “القائد الرمز” وحزب البعث الحاكم في عقول الطلاب.
وتابعت: “مع كونها مادة مكروهة لدى الطلاب، إلا أنها مادة ضرورية لتحصيلهم الدراسي ليس فقط في مراحل التعليم الابتدائي والثانوي، بل حتى في مرحلة التعليم الجامعي”.
وفي سياق متصل، تناولت شبكة “زدني” المشاكل التي تواجه المناهج الدراسية في مناطق المعارضة، لا سيما مع العجز حتى الآن على إتمام مناهج تعمّم على كامل مناطق المعارضة.
وقالت الشبكة إن حذف بعض المواد من قبل الفصائل الإسلامية بذرائع مختلفة، وغياب المنهاج الموحد، يلقي بظلاله على الفوضى التعليمية في مناطق المعارضة.
ونقلت الشبكة عن أحد مراقبي المناهج في مناطق المعارضة، قوله إن “مدارس ومراكز الأطفال التعليمية في المرحلة الابتدائية أو الإعدادية، كثيرا ما تعمد إلى تدريس المنهاج نفسه الصادر عن وزارة التربية في حكومة نظام الأسد بعد تنقيحه وحذف فصول دراسية أخرى، تتعلق خصوصا بالسياسية والتاريخ”.
ولفت إلى أن “بعض المدارس، خصوصا في محافظة درعا ومناطق أخرى، ما زالت تُدرِّس المنهاج نفسه، إذ إنَّ كادرها التدريسي وكذلك الإداري يتقاضيان حتى اليوم المرتبات من النظام في دمشق”.
وقال إنه “قبل تشكيل الحكومة المؤقتة في سوريا، كانت العملية التعليمية تُدار من قبل منظمات أهلية تتلقَّى تمويلها لإدارة المدارس بطرق منفصلة، إلى جانب المجالس المحلية في البلدات والمدن التي شكَّلتها المؤسسات التي طردت قوات النظام من هذه المناطق، أمَّا بعد تشكيل الحكومة المؤقتة ودخول وزارة التربية والتعليم على الخطّ، فباتت (الإدارة ثلاثية)؛ فالوزارة تحدد المناهج وتنسِّق هيكل العملية التعليمية من جهة، فيما تتولى المجالس المحلِّية تجهيز المدارس وتأهيلها لاستقبال الطلاب في العام الدراسي الجديد، فيما تتولَّى المنظمات توزيع القرطاسية والملابس على التلاميذ ومساعدتهم في التخلُّص من المعوقات التي تحول دون قدرتهم على الدراسة”.