شبكة العاصمة اونلاين
امانة العمر .. كاتبة وروائية سورية
ماما حفظيني سورة الواقعة الآن الآن
-تعالي يالُجٰين نحفظ مع أختك ملاك
وجلسوا جميعا على سجادة واحدة تحفهم السكينة،تحت أفق يتوعدهم بالنار والدمار في كل آن .السقف الإسمنتي فوقهم بات في نظرهم ستارا قد يتمزق في أية لحظة
((والسابقون السابقون … وفاكهة ممّا يتخيرون ولحم طيرٍ مما يشتهون )) وسكتت
-أكملي ياروح بابا
وحركت فكيها كأنها تمضغ ثم صاحت بألم طفولتها المحرومة :بابا بدي تفاحة بدي فاكهة، أنا اشتقت للفاكهة واللحم
نظر إلى زوجته متهما أُبوّته المسؤولة
مدت علياء كفها الحنون مسحت رأس ابنتيها الجائعتين الخائفتين واصطنعت بسمة وهي تقول :
في الجنة سيكون لنا كل مانشتهي
-ماما جيبي أخي حسن من عند جدي حتى يأكل ويروح على الجنةمعنا،يارب خذني على الجنة ،
ونزل السقف فوق رؤسهم جميعا كأن الطفلة الجائعة استشرفت قدرها ثم خرت بهم الأرض إلى أرض أخرى وتناثرت أشلاؤهم بين الحجارة والتراب .
وقف الصغير( حسن )بعد ها أمام جبل من الأشياء المدمرة
استمع لجده وهو ممسك بكف خاله :ياولدي ياحسن تحت هذا الركام جذورك وبذور لن تموت ،أرجو أن تكون في الجنة الآن ،وأنت ياحسن ياحبيب جدك امتداد لتلك الجدور وهذه البذور ستصنع منك شجرة طيبة الأكل حسنة المنظر
مازالت كلمات الجد تراوده وهو يعيش وهو يعيش أقسى اللحظات بعد غياب أبويه وأختيه تحت الركام وهو يحث السير إلى المجهول تاركا بيت جده برفقة جده وخاله
مرّ فوق ركام جذوره مودّعا مسلما واعدا
الله أكبر . الله أكبر ووقف إماما يتلو بصوته الشجي سورة الواقعة وعندما وصل إلى قوله (( وفاكهة مما يتخيرون)) بكى حمدا وخشوعا وألما هاقد كبر وعاد بعدما أخرج قهرا وأقام فوق جذوره وبذوره مدرسة لتعليم القرآن وتدبره
تتراءى له أختيه الصغيرتين لُجٰين وملاك في الجدران والتي تحتوي الطلاب ويشعر أن أشلاء أبيه صارت سقفا للمركز لكنه أقوى من الإسمنت المسلح وبقيت أمه تلك الروح التي تضفي الجمال والسكينة على مركزه
وصارت البذور دوحة لتعلّم القرآن وصار امتدادها بستانا
أمانة العمر