اتهم المخرج السوري الشاب، محمد بايزيد، نظام بشار الأسد بالوقوف وراء محاولة الاغتيال التي تعرض لها قبل يومين في تركيا، مشددا على أن تلك المحاولة لن تخيفه أو تثنيه عن مواصلة فضح جرائم النظام.
جاء ذلك في اتصال هاتفي أجرته معه الأناضول اليوم الخميس، وهو أول تصريح لوسيلة إعلام منذ محاولة اغتياله التي وقعت في إسطنبول، حيث كان متواجدا للمشاركة في ورشة عمل حول السينما.
وقال بايزيد، من العاصمة الأمريكية واشنطن حيث يقيم، إن فيلمه “النفق”، الذي يجهز له حاليا، “يزعج النظام؛ وبالتالي فهو المستفيد الأكبر” من محاولة اغتياله.
وأوضح أن الفيلم “ضد نظام الأسد، ويفضح جرائمه؛ وبالتالي أنا أفكر أنه هو من يستفيد من الحادثة، لكن ذلك يبقى ظنون خاصة بي”.
وبنبرة تحدي، أكد بايزيد أن محاولة اغتياله لن تخيفه، بل ستدفعه “للعمل أكثر من أجل مواصلة مشواره الفني في فضح جرائم نظام الأسد”.
وتابع “هم (منفذو محاولة اغتياله) أخطأوا في طعنتهم بميلمتر واحد، لكن خطأهم أكبر؛ إذ يدفعونني لأن تكون عندي عزيمة أكثر للعمل”.
وتعرض بايزيد للطعن من قبل مجهول، الثلاثاء الماضي، عندما كان برفقة صديقه سلمة عبود، قبل أن يتم إسعافه بأحد مستشفيات إسطنبول، فيما غادر لاحقا إلى الولايات المتحدة، التي يحمل جنسيتها ويقيم فيها.
– تفاصيل محاولة الاغتيال
وحول تفاصيل الحادثة، قال بايزيد، للأناضول “كان عندي موعد مع رجل أعمال يدعي (غ.ع)”، الذي زعم أنه مهتم بمساعدته في فيلم “النفق”؛ خاصة أن أحد إخوته ذاق ظلم النظام؛ حيث قضى 18 عاما في سجن بمدينة تدمر (وسط سوريا).
وأضاف “رجل الأعمال (المزعوم) هذا أبلغني أنه في إسطنبول، ومهتم برؤيتي للحديث عن الفيلم، فقلت له: عندي محاضرة مفتوحة بجامعة مرمرة، وسأعرض في نهايتها مقطع فيديو تعريفي بالفيلم، وأبلغته بإمكانية حضوره إن كان مهتما، وبعدها نتحدث”.
واستطرد “أنهيت المحاضرة، ولم يأت أحد، وعندما فتحت بريدي الإلكتروني وجدت أن الرجل كتب لي أنه لم يستطع الحضور بسبب زيارته من قبل تجار آخرين، وعرض علي الزيارة، وعرض المقطع التعريفي بالفيلم على التجار للمساهمة فيه، وقدم لي العنوان”.
وواصل حديثه ساردا تفاصيل محاولة اغتياله، لافتا إلى أنه استجاب للدعوة بالفعل، واستقل سيارته مع زميله “سلمة” لزيارة رجل الأعمال المزعوم.
وقال “وجدنا عنوان الرجل (عبر تطبيق جوجل ماب) في منطقة راقية ما أشعرني وسلمة بالطمأنينة، لكن بعد أن اقتربنا من المكان انتهت البنايات، وعند نقطة الموقع بالضبط، جاءنا شخص يرتدي لباسا أسود، واقترب وبيده هاتف شاشته تضيء كأن معه مكالمة”.
وأضاف “أنزلت زجاج شباك السيارة، واتضح لي من لهجة هذا الشخص أنه سوري عندما قال: أستاذ محمد؟، فقلت له: نعم، وخطر لي أنه ربما يكون حارس المدخل أو المجتمع السكني. قال لي: الأستاذ (غ.ع) سيحكي معك، فمد لي الهاتف، وعندما مددت يدي، مد هو بسرعة البرق يده الثانية، وأخرج السكين”.
وتابع: “أبعدت نفسي لليسار والأسفل؛ فجاءت الطعنة بالكتف الأيمن، وخرجت من الطرف الآخر. طعنة كاملة لم أشعر بألم من شدة السرعة، وعند سحب السكين شعرت بألم لا يوصف”.
واستطرد: “في هذه اللحظة أقلع سلمة بالسيارة، ووضعت يدي اليسرى على كتفي الأيمن لوقف نزيف الدم، واتصلت بـ(سماح) زوجتي، وقلت لها ما حصل، قبل أن نصل للمشفى”.
– إشادة المشفى وتعاون الشرطة
وأشاد بايزيد بمستوى الخدمة التي تلقاها في المستشفى وبالتعاون الذي لاقاه من الشرطة التركية والمسؤولين الأتراك.
وقال عن ذلك “اطمأنوا على الوضع، وصوروا الجرح، وأجروا اختبار سميّة، وأعطوني مضادات حيوية. المشفى كان مستواه رائع جدا، والكادر الطبي كان متعاونا، والشرطة التركية كانت موجودة منذ اللحظة الأولى، وعرفوا أنها حادثة اغتيال. لم يتركوني لحظة وأشكرهم على ذلك”.
ولفت إلى إجراء تصوير مقطعي له بالمشفى؛ وبالنتيجة “تبين أن ما حصل كان معجزة، ميليمتر واحد فقط كان بين النصل والشريان، وقال لي الأطباء إن النسيج المتهتك (جراء الطعنة) هو نسيج عضلي، وليس هناك خطر على حياتي”.
كما بيّن أن الشرطة أخذت منه ومن سلمة “معلومات كاملة” عن تفاصيل محاولة اغتياله.
وعن حيثيات تواجده في تركيا وسفره السريع، قال بايزيد “جئت إلى تركيا للمشاركة في منتدي الشرق (اختتم أعماله الإثنين الماضي) بدعوة منه، ورحلة العودة كانت مجدولة في 11 أكتوبر/تشرين الأول (الأربعاء). قلت للطبيب إن عندي رحلة، فقال لي لا أفضل أن تذهب فالجرح بأوله وسينزف، فقلت له إنها رحلة مجدولة أريد الذهاب”.
ولفت إلى أن الجهات الأمنية الرسمية في إسطنبول، اتصلت به أثناء وجوده في المطار قبيل سفره بلحظات، من أجل استكمال إفادته حول محاولة الاغتيال في بلاغ رسمي، فيما أكد أنه يعتزم تقديم تلك الإفادة في السفارة التركية لدى واشنطن؛ بالتنسيق مع مؤسسة CAIR الحقوقية الأمريكية، حتى يتسنى للجهات المعنية في تركيا المضي قدما في التحقيق بالحادث، والقبض على المتورطين فيه.
ومحمد بايزيد مخرج سوري حاصل على عدد من الجوائز الدولية، وقد أخرج عشرات الإعلانات وكليبات الفيديو والحملات والبرامج الشهيرة، ويعمل في الفترة الأخيرة على إنتاج فيلم سينمائي يروي قصة سجن تدمر الشهير في سوريا باسم “النفق”.