قال متحدث الرئاسة التركية، إبراهيم قالن، الخميس، إنه يتم العمل حالياً على آلية تقضي بوجود قوات بين مناطق سيطرة النظام والمعارضة في سوريا، وذلك في سياق تفعيل ما توصلت إليه “محاثات أستانة 4” بشأن إنشاء مناطق لتخفيف التوتر في سوريا.
جاء ذلك في تصريحات أدلى بها للصحفيين في المجمع الرئاسي بالعاصمة أنقرة.
وشهدت العاصمة الكازاخستانية منذ بداية العام الحالي 4 جولات من المباحثات حول الأزمة السورية، تكللت آخرها بالتوصل إلى اتفاقات بشأن إجراءات لتعزيز وقف إطلاق النار، وإنشاء مناطق لتخفيف التوتر في سوريا.
وأفاد قالن بأن مباحثات أستانة حول سوريا (أستانة 5) ستستأنف مطلع يوليو/تموز المقبل، وستتبعها اجتماعات جنيف.
وأشار إلى أنهم يؤكدون منذ البداية على أن اجتماعات أستانة وجنيف لا تغني إحداها عن الأخرى، وإنما كل واحد منها مكمل للآخر، إلا أن بعض الدول تتردد فيما يخص أستانة (دون ذكرها).
وحول نجاح مسيرة أستانة من عدمها، أفاد متحدث الرئاسة التركية بأن اتفاق وقف إطلاق النار، الذي دخل حيز التنفيذ في ديسمبر/كانون أول الماضي، أدى إلى خفض الاشتباكات في سوريا إلى مستويات منخفضة.
وبشأن اتفاق مناطق تخفيف التوتر في سوريا، قال قالن: “كما تعلمون بأنه تم تحديد 4 مناطق خالية من الاشتباكات. والمفاوضات بين المسؤولين الأتراك والروس والإيرانيين مستمرة حول الدول التي ستنشر قوتها في هذه المناطق وآلية ذلك، بالإضافة إلى كيفية تحقيق الأمن فيها”.
وذَّكر بوجود آلية فيما يخص المناطق الخالية من الاشتباكات، ومجموعة عمل لهذه الآلية التي تم الاتفاق عليها بين تركيا وروسيا وإيران.
وأشار إلى أنه جرت مباحثات مفصلة بشأن اتفاق مناطق تخفيف التوتر مع المبعوث الخاص للرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى سوريا ألكسندر لافرنتييف، عندما زار أنقرة، الأسبوع الماضي، لافتا إلى أن الوفود الفنية تبحث الآن موضوع الدعم اللوجستي لتلك المناطق.
كما تبحث الوفود، وفق قالن، مسألة القوات التي سيتم نشرها بين مناطق قوات النظام وقوات المعارضة، والجهات التي ستتكون منها تلك القوات، وتعدادها، وآلياتها.
وتمنى أن يتم التوصل إلى تفاهمات محددة في هذا الخصوص خلال محادثات أستانة المقبلة.
وأوضح أنه يتم العمل حالياً على آلية تقضي بوجود قوات روسية وتركية في منطقة إدلب (شمال غرب)، وإيرانية وروسية في محيط دمشق، وأردنية وأمريكية في درعا (جنوب)، وهناك مقترح روسي لإرسال قوات محدودة من قرغيزيا وكازخستان إلى سوريا، و”يمكن أن يشارك هؤلاء أيضا في قوة المهام هذه”.
ولفت قالن إلى أن الهدف الأول من تلك القوات هو “جعل وقف إطلاق النار أكثر تنظيماً”، وتوقع أن يسهم نشرها في الحد من حدوث اشتباكات في تلك المناطق.
من جهة ثانية، شدد المتحدث الرئاسي على ازدواجية المعايير لدى التحالف الدولي والدول الأخرى في التعامل مع المنظمات الإرهابية.
ولفت إلى التحالف الدولي يحشد كل قواه ضد تنظيم “داعش” الإرهابي، لكن عندما يتعلق الأمر بمنظمة “بي كا كا” الإرهابية يقول إن ذلك شأنًا داخليا لتركيا.
وأفاد بأن الفرق الوحيد بين تنظيمي “داعش” و “بي كا كا” هو أن الأول يشن هجمات ضد تركيا والدول الأخرى معا، فيما تستهدف هجمات الثاني تركيا فقط.
واستطرد بالقول إن بعض الأطراف حاولت تبرئة منظمة “بي كا كا” من الإرهاب من خلال دعم تنظيم “ب ي د/ي ب ك” (الذراع السوري لـ”بي كا كا”).
وعن دعم الولايات المتحدة لتنظيم “ب ي د/ي ب ك” وإعلان واشنطن مؤخرا أنها ستشارك أنقرة جميع المعلومات بخصوص التعاون مع التنظيم، وتأكيدها أن الأسلحة التي تقدمها للتنظيم لن تُستخدم ضد تركيا، أوضح قالن أن بلاده أعربت منذ البداية عن موقفها الرافض لدعم التنظيم، وخاصة في مجال التسليح، واصفاً الإعلان الأمريكي بأنه “غير كافٍ ولا يطمئن تركيا”.
وجدد التحذير من احتمالية تشكيل “ب ي د/ي ب ك” خطرا على تركيا.
وشدد على أن بلاده سترد على أي خطر من هذا القبيل بشكل مباشر، ودون الحصول على إذن من أحد، وأن موقف تركيا في هذا الخصوص واضح جدا.
واعتبر أن السياسة التي تنتهجها الولايات المتحدة منذ عهد الرئيس السابق باراك أوباما إلى الآن تحتوي على مخاطر كبيرة ليست على تركيا بمفردها، وإنما على مستقبل سوريا أيضا.
وعن حشد بلاده قوات عسكرية على حدودها مع سوريا، أفاد قالن بأن تركيا تكافح على حدودها تنظيمي “داعش” و”بي كا كا” معا، وأن بلاده تتخذ التدابير الأمنية اللازمة في هذا الخصوص حسب ما تقتضيه الحاجة.
وأكد على أن بلاده عارضت منذ البداية تسلل ” ب ي د” الإرهابي إلى مناطق عفرين و تل رفعت (شمالي سوريا) وأن القوات التركية قصفت في هذا الإطار التنظيم في بعض المناطق.
وأوضح أن غاية “ب ي د/ي ب ك” هي بسط السيطرة على مناطق جديدة، وليس مكافحة داعش؛ لأنه لا تهديد للأخير في الوقت الراهن بتلك المناطق.
وبيّن أن “ب ي د/ي ب ك” يتعاون حسب ما تقتضيه مصلحته مع النظام السوري والروس والأمريكان، سعيا لتوسيع نطاق نفوذه، وأن التنظيم يضيق على قوات المعارضة التي تعمل معها تركيا ويجبرها على الاشتباك من حين لآخر.
وشدد على أن بلاده قد تتخذ في أية لحظة الخطوات اللازمة بهذا الخصوص، في إطار ما تقتضيه مصالحها الوطنية والأعمال التي تقيمها مع المعارضة السورية.