بين العودة إلى الوطن والبقاء في “بلاد ما وراء الإيجة” !
شبكة العاصمة اونلاين – خاص
همام الدين الرشيد – رأي
“التقيت مع اثنين من رفاقي لم ألتقِ بهم منذ 7 سنوات تقريباً” هذه حالي يوم أمس وحال كثير من الشباب السوريين، شتّتهم بندقية وجهت إلى صدورهم وبراميل تهبط من السماء، لتعود وتجمعهم بلاد اللجوء والغربة والمهجر. فالشباب السوري في ظل الواقع الحالي يعاني من انقسام فكري وسياسي واضح، ينعكس بالتالي على تواصلهم الاجتماعي لحد كبير.
موزامبيق لا يوجد فيها سوريين!
بعد خمس سنوات من الآن هل يمكن يا تُرى أن نجد بلد من بلاد العالم تخلو من الشباب السوري، ونحن نشاهد شبابنا يغادر الوطن كأسراب الطيور المهاجرة، فلا تستغرب غداً إن زرت مدينة في أقصى غرب الصين أن تجد مجموعة مستوطنة من السوريين، أو ساقتك الأقدار إلى قرية نائية في الهند أو البرازيل أو سافرت إلى رأس الرجاء الصالح أو الأرجنتين.. فالسوريين كما تنبئ الحال سيتبعثرون في كل أنحاء العالم .. إلا إيران ربما.
وأحد وزراء الكيان الصهيوني الذي صرح منذ فترة أن تنامي أعداد المسلمين في أوروبا يشكل خطراً استراتيجياً عليها لن يكون مبالغاً، وخصوصاً إذا علمنا أن أعداد السوريين المتوقع وجودهم في ألمانيا وحدها في نهاية عام 2015 ستتجاوز 400 ألف لاجئ.
ويعرف عن السوريين أساساً نشاطهم المحموم، فهم إن كانوا عمالاً من أمهرهم وإن كانوا عقولاً من أبرعهم، وكلنا كان يسمع عن تفوق السوريين وتبؤهم لأعلى الإدارات والمناصب في بلاد الهجرة، فلا تتوقع اليوم إلا ذاك، لا سيما وأن كثيراً منهم من الأكاديميين والخبراء والخريجين.
الشباب السوري والتصالح الداخلي!
يقول “حسين.ع” وهو أحد المعارضين لنظام الأسد ويدرس حالياً في اسطنبول، “لا أحب أن التقي بأصدقائي المؤيدين .. فأنا أحملهم مسؤولية كبيرة في دمار البلد“، ويتابع “حسين” أنه إذا التقى بأحد رفاقه في الجامعة لا يحب أن يتناقش معه طويلاً إذا كان من “جماعة الله يطفيا بنوره” فقد سئم النقاش والأخذ والردّ، أما زميله “عمر.د” فهو أيضاً من المعارضين لكن الشاب يرى أنه بات من الضروري أن نتصالح مع حاضرنا لنتمكن من بناء مستقبلنا، يقول عمر: “أنا لا يمكن أن أحاسب أي أحد على أفكاره ولا يمكنني أن أخاصم شريحة كبيرة من شباب بلدي لأفكارها أو تقصيرها، الذي تلطخت يديه بالدماء يجب محاسبته لاشكّ، أما الباقين فأنا أريد التصالح معهم والتعاون لبناء بلدنا عندما تنتهي الحرب مجدداً“، فبحسب ما يعتقد “عمر” لا يمكن أن نعتمد على شباب الثورة فقط في بناء سوريا، لابدّ أن نستفيد من كل الكوادر والخبرات والتي شاركت في الثورة أو لم تشارك .. المهم ألا تكون ممن أجرم بحق أهل البلد والبلد.
الوطن أولى أم الجنسية ؟
سؤال أخير يتردد في ذهن الشاب السوري في وسط بحر إيجة، وهو يتشبث بقاربه المطاطي نحو “الفردوس الأوروبي”، هل سأعود إلى الوطن يا تُرى ؟ أم أني سأحبّ “بلاد ما وراء الإيجة” واستقر هناك أعمل وأموت وأدفن.
“عبادة.ب” من الشباب السوريين الذين حصلوا على إقامة دائمة وجواز سفر مؤقت في السويد، بعد عيش لسنتين فيها يرى أنه من المستحيل أن يتمكن من بناء عائلة أو الحفاظ على قيمه العربية أو المسلمة في تلك الأرض، وأنه لابدّ له من العودة لبلاده أو قريباً منها ليبني عائلته ويعاون كذلك في بناء بلاده من جديد.
لكن هل يمثل “عبادة” شريحة معيارية يمكن البناء عليها، في ظل كل التسهيلات والإغراءات التي تقدمها “بلاد ما وراء الإيجة” لعقول غادرت الوطن طلباً للأمان وهرباً من إرهاب قد تتنوع أشكاله .. حتى في تلك البلاد!.