السوريون بين سندان العلم والحرب
شبكة العاصمة اونلاين
سلسلبيل زين الدين
إن المناطق المشتعلة بالصراعات والحروب تؤثر على جميع قطاعات الحياة سلبًا، سواء القطاع الاقتصادي، أو الاجتماعي، أو الصحي، وكذلك القطاع التعليمي. سوريا التي عرفت بمستواها التعليمي المتميز والمتفوق قبل اندلاع الثورة في مارس 2011، ولكن المستوى التعليمي انحدر بشكل ملحوظ خلال السنوات الثلاث الماضية.
أُجبر عدد كبير من الأطفال للتوقف عن التعليم بسبب الحرب التي دمرت مدارسهم، والبعض الآخر اضطرته الظروف لمغادرة البلاد. حتى في بلاد اللجوء أكثر من 600 ألف طفل سوري لا يتابعون دراستهم. ويأتي هذه الانحدار تبعًا للخوف المسيطر على الأهالي من اختطاف أبنائهم، أو مقتلهم في طريق إلى المدرسة، أو حتى قصف المدرسة أثناء تواجدهم فيها. ولم يقتصر القتل والاختطاف على الطلاب بل وعلى المعلمات والمعلمين، وأدى ذلك إلى هجرة الكثيرين منهم فزاد من حدة انحدار المستوى التعليمي في سوريا.
وفي إحصائية للجنة الدولية للصليب الأحمر ذكر فيها تناقص أعداد الأطفال في المدارس السورية، حيث سيذهب هذا العام 3 ملايين طالب فقط إلى المدرسة، أغلبهم من النازحين، في الوقت الذي كان الرقم الإجمالي قبل الحرب ما يقارب 6 ملايين طالب. وفي تقرير للمونيتور ذكر أحد المسئولين ” أن قطاع التعليم العالي هو أكثر القطاعات تأثرًا بالأزمة، وأوضح أن الأضرار المادية طالت المباني التحتية للجامعات والمختبرات، وكذلك الأضرار المعنوية التي تمثلت في انقطاع الطلاب عن الدراسة” .
ولاء طالبة في كلية الهندسة قالت : ” إن رحلة الخروج من المنزل للجامعة هي رحلة جهاد مليئة بالخوف والمخاطرة، قبل أن أغادر أرى ملامح أمي وهي تودعني كأنها المرة الأخيرة” وأضافت ولاء: ” الجامعة لم تعد كما كانت، لا تستطيع الثقة بأي شخص حولك، حتى أعز الصديقات”. إن الخوف والشك المزروع في قلوب السوريين من كل ما حولهم يجعل الشك والريبة يرافقانهم في كل مكان، فالثقة بأي شخص يعني تعريض نفسك للموت.
يؤكد زياد على ما قالت ولاء: ” لا يمكنني الحديث مع صديقي إلا همسًا، ترى كُل شيء حولك يراقبك، ويراقب أنفاسك” ويشير زياد إلى أن كثيرًا من أصدقائه قتلوا إما في طريقهم للجامعة، أو اشتباكات حدثت في الجامعة نفسها، ويضيف: ” لو أتيحت لي الفرصة للهجرة دون مخاطرة سأترك التعليم هُنا وأسافر” ومن الجدير ذكره أن بعضَا من الجامعات السورية تم سحب الاعتراف منها.
وعن الأوضاع المادية التي أثرت بشكل سلبي تحدث أبو سعد عن محله الذي تم قصفه وخسر فيه رأس ماله ولم يعد يستطيع إعالته، مما اضطره لإخراج ابنه وابنته من الجامعة، لأن المصاريف ازدادت مع انعدام مصدر الرزق، ويتكلم أبو سعد بغصة تعُبر عيناه فيها عن الحسرة التي يعيشها : ” أنا اقدر أهمية التعليم، وأشعر بحسرة حينما أرى أبنائي الذين أثق بتميزهم يجلسون أمامي لا يستطيعون التسجيل في الجامعات” وبابتسامة جانبية يضيف أبو أسعد” أحاول كل جهدي مع أبنائي توفير عمل لكل منهم علّنا نزيد من الدخل ثم تعليمهم واحدًا تلو الآخر” وتبقى محاولات أبو سعد قيد التجربة.
هذا وقد طالبت المفوضية العليا للاجئين ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة اليونيسيف باتخاذ “إجراءات حاسمة” لمعالجة تدهور التعليم، منها التوقف عن استخدام المدارس لأغراض عسكرية وإعلان المدارس كمناطق آمنة ومحاسبة الأطراف التي تنتهك ذلك, ومضاعفة الاستثمار الدولي في التعليم في الدول المضيفة للاجئين”.