الأرامل بين نار الفقد ونار المجتمع
شبكة العاصمة اونلاين
سلسبيل زين الدين
أسفرت الحرب السورية عن آلاف القتلى خصوصَا من الرجال والشباب، منهم الآباء والأزواج الذين تركوا خلفهم أسرة بلا معيل، أمًا بأطفال وبلا زوج، وعلى الرغم من المعاناة التي تقع فيها الأرملة بعد وفاة زوجها وحزنها إلا أنها تقع في نار جديدة، نار المجتمع الذي يطل عليها بنظرة مختلفة لأنها ” أرملة ” .
مجتمع لا يرحم
عائشة الهاجر(40 عامًا) قتل زوجها في بداية الثورة، لم تنتظر أحد وقامت بإعالة أطفالها من عرق جبينها قليل من الناس من وقف معها، ولكن بعد أن اعتقلت لدى تنظيم الدولة الإسلامية ” داعش”، خسرت وظيفتها وتم نبذها مجتمعيًا. وبذلك قررت الهجرة للتخلص من عبء المجتمع و إيجاد فرصة أفضل لها ولأطفالها في الخارج.
الأمر لم يقتصر أثره على المتزوجات اللواتي أصبحن أرامل حيث تقول نُهى ( 22 عامًا ) ” رفضت عروض زواج كثيرة، بعد أن رأيت ما حدث لرفيقاتي الأرامل، يخرج الشاب فلا يعود إلا جثة هامدة ” وعلى أثر ذلك توافقها صديقاتها فكما قُلن ” لنمت في بيوت أهلنا على أن نكون أرمال في ريعان شبابنا”.
نساء يتحدين الواقع
في المقابل كانت زهرة بدر ( 24 عامًا) قتل زوجها في الثورة، تكفل بها أهلها في بداية الأمر حتى استطاعت العمل على شهادتها البسيطة، وبتحدي للظروف ولأجل طفلتها الوحيدة تقول ” سأعيد شهادة البكالوريا حتى أحصل على راتب أفضل” وتضيف: ” لا يهمني المجتمع وإن كانت البيئة التي أعيش فيها ساندتني كثيرًا، كل ما يهمني أن أحافظ على ابنتي، لتعيش دون الحاجة للآخرين”.
على النقيض تمامًا من نهى وقفت علياء سلمي ( 20 عامًا) بكل ثقة تتحدث عن مشاركة المرأة للرجل في ظروف حياته في وجوده وبعد رحيله، وأنها النصف الثاني الذي لا يمكن للثورة ان تقوم قائمتها دونها، فالنساء شقائق الرجال. وتعبر عن رأيها بقولها مازحة ” الأعمار بيد الله، نحن لا نعلم المستقبل قد أموت قبله” ثم تواصل بجدية ” إن علينا تحمل مسؤولية معًا، فإن حمل هو السلاح ليعود بالحرية لنا ولأطفالنا، فأنه علينا نحن النساء أن نكون أقوى لتربية أجيال جديدة تكمل ما بدأنا”.
ومن ناحية أخرى، تحت الضغوط المجتمعية والاقتصادية تضطر الكثير من الأرامل للقبول بعروض زواج مجحفة أحيانا بحقهم، ولأن الأرملة لن تستطيع الوقوف لوحدها في ظل ظروف الحرب وعدم مقدرة أهلها إعالتها وأطفالها من جديد فإن هذا يدفع الكثير من العائلات إلى إعادة تزويج نسائها، على الرغم من المخاوف بأن يكون الترمل مصيرهن من جديد.
أوفي استطلاع لبعض مشاهدات السوريين على الفيسبوك، فقد أظهرت الآراء أن معظم من يتم نفيهم مجتمعيًا من الأرامل هو من يُشك في طريقة موت زوجها، أو أن يكون زوجها قاتلًا في الأساس. فيما أكد كثيرون أن المجتمع يحتوي الأرامل التي قتل أزواجهن خطأ وظلمًا ويحاول مساعدتهن قدر الإمكان. وعلى أثر كل ما سبق تدفع النساء ثمنا باهظا للنزاع في سورية؛ حيث أن واحدا من بين كل ثلاثة منازل في سورية الآن ترأسه امرأة. .