تسعى أكاديمية “باشاك شهير” للعلوم العربية والإسلامية، إلى أن تصبح أول جامعة تركية مُرخصة تدرس باللغة العربية 100%، بعد أن باتت ضرورة في ظل تواجد جالية عربية كبيرة، وطلب تركي كبير على التعليم الجامعي باللغة العربية.
والأكاديمية هي حلقة في سلسلة من المساعي لتعزيز اللغة العربية في تركيا، بعد أن أسفرت التطورات في المنطقة العربية، خلال السنوات الأخيرة، عن زيادة عدد العرب المقيمين في بلاد الأناضول، فضلا عن صعوبة انتقال الأتراك، على عكس السابق، إلى دول عربية تشهد اضطرابات، مثل سوريا ومصر وليبيا وتونس، بهدف تعلم العربية.
من مقرها الجديد في منطقة “باشاك شهير” بمدينة إسطنبول التركية، تجتهد أكاديمية “باشاك شهير” للعلوم العربية والإسلامية للحصول على اعتراف من مجلس التعليم الأعلى التركي، وتلبية شروط الأخير، ليعترف بالشهادات الصادرة عن الأكاديمية، التي تتعاون حاليا مع جامعة طرابلس اللبنانية، واليرموك الأردنية في إصدار الشهادات الجامعية.
6 كليات
قبل 2011 (انطلاق ثورات الربيع العربي)، كانت تركيا تشهد سنويا مغادرة حوالي 35 ألف طالب لتعلم اللغة العربية والعلوم الشرعية في بلاد عربية، لكن مع التطورات بعد هذا التاريخ، بات السفر متعذرا، إلا أن الخيارات أتاحت لهم تعلم لغة الضاد في بلدهم.
يقول الدكتور عماد الدين رشيد، رئيس الأكاديمية، إن “الأكاديمية انطلقت على أمل أن تكون أول جامعة تدرس بالعربية تُرخص في تركيا، وهي مؤسسة وقفية حاليا، وتقدمنا إلى مجلس التعليم الأعلى التركي، للاطلاع على ملف الأكاديمية، ومنحنا الترخيص اللازم”.
وتابع “نأمل استيفاء كل الشروط، والحصول على الترخيص في النصف الثاني من 2018، لتصبح الأكاديمية مرخصة، نحن مرخصون كإداريين بموجب مرسوم منشور بالجريدة الرسمية، وحاليا نغطي أنفسنا أكاديميا عبر اتفاق مع جامعات عدة، منها طرابس اللبنانية، واليرموك الأردنية”.
ولفت رشيد، إلى أن الأكاديمية “انطلقت بست كليات، وهي: الشريعة الإسلامية، وأصول الدين، والتربية الإسلامية، والدعوة، والإعلام الاسلامي، واللغة العربية، والفصل القادم نأمل تحقيق المواصفات اللازمة لتحقيق برنامج الإدارة، والتعليم بمستوى الإجازة والدراسات العليا”.
تنسيق متعدد
وحول استكمال المواصفات للحصول على الترخيص الكامل، قال رئيس الأكاديمية، إن “من بينها قضية المبنى، فهناك شرط مالي كبير يفرضه (مجلس التعليم الأعلى) يعادل 50 مليون ليرة تركية (أكثر من 14 مليون دولار أمريكي)، ويسمح القانون بأن يكون 80% منها عقارات، والوقف (وقف إلهام) الراعي للأكاديمية لديه عقارات”.
وأردف “يتم التنسيق مع بلدية باشاك شهير (في إسطنبول)، وتقدم التسهيلات في المجالات الوقفية والتربوية في البلدية، وأقمنا تنسيقا مع أوقاف ومؤسسات وقفية أخرى، منها التعاون مع وقف الديانة لأجل التعليم المسجدي”.
وعن هذا التعليم أفاد رشيد “وضعنا منهجا ضخما، يضم 46 مقررا على 5 مستويات، ولدينا تنسيق مع وزارة التربية الوطنية لتعليم اللغة العربية في تركيا على مستوى اللغة الأجنبية، ومستوى مدارس إمام خطيب، بتقديم نماذج ومقررات مدرسية”.
وكشف أن “قاعات المؤسسة يمكنها حاليا استيعاب 850 طالبا يدرسون في الوقت نفسه .. الطاقة الاستعيابية كبيرة والإقبال تحسن بعد الانتقال إلى المبنى الجديد (المبنى القديم كان في المنطقة نفسها)”.
وأضاف لدينا 270 طالبا وطالبة حاليا، عرب وأترك ومن جنسيات متعددة، وهناك اتفاق مع جامعة لإرسال الطلاب من (دول) البلقان، لتأهيلهم في اللغة العربية عبر دورات صيفية لمدة شهر، وأرسلوا إلينا هذا العام طلابا، وفتحنا صفين دراسيين، ونطمح أن يكون القبول أكثر، وحريصون أن يكون القبول بتدرج”.
ومضى رشيد قائلا “الآن لدينا 18 دكتور برتب مختلفة في اختصاصات متعددة، عدا المحاضرين والمتعاونين، وهناك نظام الأستاذ الزائر، وهذا وضعنا أمام مسؤوليات أكثر من ناحية نظام الاعتماد، ولدينا امتحان قبول لا بد أن يحصل فيه الطالب على 65% من الدرجات”.
وعن أهمية المؤسسات التعليمية التي تُدرس بالعربية قال رشيد، إن “الجالية السورية في تركيا لوحدها 3 مليون شخص، والجالية العربية عامة تقدر بنحو 4.5 مليون، وهؤلاء بحاجة إلى خدمات، ويوجد تفهم من المؤسسات التركية وتنسيق، وكذلك يوجد توجه نحو إنشاء جامعة عربية إسلامية موسعة في تركيا، وتناقشنا مع البلدية أن تكون أكاديميتنا هي هذا الطرف”.
وتابع بقوله “هناك توجه بذلك، والبلدية وعدت أن تكون هناك خدمات كبيرة ومبان عديدة، أكبر من المبنى الحالي، يستوعب عشرة أضعاف العدد الموجود حاليا”.
المبنى الجديد
يوسف أوزتورك، رئيس مجلس أمناء أكاديمية “باشاك شهير”، قال إن “المبنى الجديد في منطقة باشاك شهير، وبالتعاون مع البلدية، يتكون من 6 طوابق، وبه قاعة مؤتمرات، وقاعة مكاتب إدارية، و24 قاعة دراسية، وطابق للأبحاث ووضع المناهج”.
وأضاف أوزتورك، أن “التعليم في أفرع الجامعة بالعربية 100%، وبها كادر أكاديمي جيد، وتسعى إلى أن تصبح إسطنبول مركزا للعلوم العربية والإسلامية، وتمثل الأكاديمية خطوة في هذا الإطار”.
وأوضح أن “الجامعة افتتحت برعاية وقف إلهام، ولدينا طلاب من 17 جنسية، وهدفها هو النجاح في البلاد كمؤسسة تركية، والاهتمام المحلي يزداد، ونسعى لزيادة عدد الدارسين في الأكاديمية، فقبل 2011، كان ما بين 35 و40 ألف تركي يغادر سنويا إلى بلاد عربية للتعلم، والآن باتت أبواب معظم هذه الدول مغلقة في وجوههم”.
أوزتورك، كشف أن “الأكاديمية تسعى إلى إعداد مناهج دراسية خاصة لتعليم اللغة العربية من 4 مراحل لعشرة أشهر، وهناك مجموعة من 9 كتب سينتهي قريبا الكتاب الأول منها، وتتميز هذه الكتب، التي ليس لها مثيل، بأنها تتشكل من كلمات القرآن الكريم، وتحديدا من 11 ألف و854 كلمة، بينما عادة كانت تدخل المناهج من خارج تركيا”.
وختم بقوله “نسعى إلى جمع الكفاءات الذين اضطروا إلى مغادرة أوطانهم، وإنتاج مناهج يكون لها تأثير على المستقبل القريب”.
بعيدا عن النمطية
أما الدكتور حسان مصطفى الشلبي، نائب رئيس أكاديمية “باشاك شهير”، وهو متخصص في التربية والدرسات الإسلامية، فقال إن “الأكاديمية تعد بتقديم بصمة جديدة على مستوى البرامج في العلوم الشرعية، بحيث تكون كفيلة بتأهيل الطالب لسوق العمل”.
وشدد الشلبي، على أن المناهج ستكون “بعيدة عن النمطية المعهودة في التخصصات الشرعية على أنها تتوجه بالطالب إلى تخصص المسجد وإمامته أو حلقات التحفيظ والمدارس الشرعية، ومن هنا كان التفكير في طرح برامج جديدة، وفكرة فتح تخصصات متميزة”.
وأضاف أنه تمت الاستعانة “بعدد من الجامعات المتقدمة، مثل جامعة اليرموك ذات الخبرة، إضافة إلى رؤية الفريق الخاص بالأكاديميةالمعيارية، التي تقوم على دمج المناهج بالجانب المنهجي والمعياري، ليصبح منهج أصول الفقه جانبا معياريا في حياة الطالب، ينبي من خلالها قدرته على النظر والتفكير، وتقديم الحلول في مجال عمله ومجتمعه”.