يقضي وقته جائعًا في البيت، يتحامل بين الحين والآخر على جسده الهزيل فيخرج من بيته يجمع قطع البلاستيك من الأرصفة وأماكن جمع النفايات، علّه يعود بقليل من الطعام لعائلته المؤلفة من طفلتين وزوجة.
هذا هو حال، عماد النجار أبو كاسم، الرجل الأربعيني المصاب بسوء التغذية من غوطة دمشق المحاصرة، وقصة القهر التي يعيشها كل يوم.
“أبو كاسم”، عانى من الحصار كثيرًا، فبات عاطلًا عن العمل، ثم بدأت صحته تتدهور نتيجة قلة الطعام، حتى أصيب بسوء التغذية، فأصبح هزيل الجسد شاحب الوجه، وكأنما تجسد ملامحه ألم الحصار كله.
“أبو كاسم” مصاب بهزال شديد، جراء عدم تناوله الغذاء بشكل كاف، وتزداد حالته سوءًا بمرور الوقت، فالأشخاص الذين يعانون من حالته يجب أن يتغذوا بشكل جيد، حتى يستعيدوا صحتهم وعافيتهم وإلا تدهورت، إلا أن هذا الأمر غير متوفر.
وفي حديث للأناضول، قال “أبو كاسم”، إنه يأكل مع طفلتيه نصف وجبة يوميًا، يحصل عليها إما من بعض الجمعيات الخيرية، أو من بيع ما يجمعه من بلاستيك، لكن طفلتيه تنامان جائعتين، وتستيقظان جائعتين.
وأوضح أنه حتى أكياس النايلون صار يجدها بصعوبة. لافتًا إلى أن الغوطة تعيش وضعًا صعبًا وحصارًا وقصفًا وموتًا.
وأشار “أبو كاسم”، إلى أنه كان قبيل انطلاق الثورة يعمل في مجال تلميع البلاط، لكن مع اشتداد الحصار لم تبق أدوات ولا طلب على هذا العمل، فتدهورت حالته المادية، وكانت بداية لما هو فيه.
ويجهد “أبو كاسم” في تأمين الطعام لزوجته، وابنتيه فردوس البالغة من العمر 4 سنوات، ووفاء سنة ونصف، فيعود أحيانًا وقد وفق بالحصول على بعض الطعام، وأحيانًا أخرى يعود خالي الوفاض، فيكون خيار العائلة النوم جوعى في تلك الليلة.
وأضاف: “طفلتاي اليوم منذ الصباح جائعتين، بعنا كل أشياء البيت، ولا توجد حتى مدفئة في هذا البرد، وصحتي تتدهور يومًا بعد يوم، حتى لا يمكنني أن أملأ المياه من بئر المنزل”.
طفلته فردوس تلازمه في البيت وتلاحقه وتجلس بجانبه، وكأنها تحاول أن تواسيه، لكن قهر الرجال أكبر من أن تواسيه طفلة.
وبدلًا من غاز الطهو، يعتمد “أبو كاسم” وزوجته على نار يشعلها في شرفة منزله لغلي الماء، وطهي قليل الطعام لديه، ويجلسان مع ابنتيهما بجانبها يستدفئون بها.
“أبو كاسم” عبر عن يأسه من الوضع في المنطقة، قائلًا: “سوء الوضع دفعني حتى للتفكير بالانتحار، لكننا نعود وندعو أن يجعلنا الله من الصابرين، ويخرجنا مما نحن فيه”.
ويعيش نحو 400 ألف مدني بالغوطة الشرقية، في ظروف معيشية مأساوية، جراء حصار قوات النظام السوري للمنطقة والقصف المتواصل عليها منذ سنوات.
ومنذ أكثر من 8 أشهر، شدّد النظام السوري، بالتعاون مع مليشيات إرهابية أجنبية، الحصار على الغوطة الشرقية، ما أوقف وصول جميع الأدوية والمواد الغذائية إلى المنطقة.
وحتى أبريل/نيسان الماضي، كان سكان الغوطة يدخلون المواد الغذائية إلى المنطقة عبر أنفاق سرية وتجار وسطاء، قبل أن يُحكم النظام حصاره.
وفي مسعى لإحكام الحصار، كثفت قوات النظام بدعم روسي عملياتها العسكرية في الغوطة الشرقية في الشهور الأخيرة. ويقول مسعفون إن القصف طال مستشفيات ومراكز للدفاع المدني.