كشفت معلومات خاصة عن تورّط الإمارات العربية المتحدة في عمليات الاغتيال التي طالت قيادات “أحرار الشام” الحركة الأكبر ضمن فصائل المعارضة السورية وأكثرها انتشارًا، و”جيش الإسلام” من أكبر الحركات المسلحة السورية المناهضة لنظام الأسد.
وتوصلت صحيفة يني شفق إلى تفاصيل عملية الاغتيالات التي طالت القادة الميدانيّين لحركتي “أحرار الشام”؛ على رأسهم حسن عبود و45 قائدًا عسكريًّا وسياسيًّا من الحركة. ومن “جيش الإسلام” قائده زهران علوش وغيره من القادة.
حيث تمّ تمرير معلومات عنهم وعن أماكن تواجدهم لنظام الأسد، عبر الاستخبارات الإماراتيّة.
ويشار أنّ حركة أحرار الشام الإسلامية، أعلنت عن نفسها في نهاية 2011 وذلك باتحاد أربع فصائل إسلامية سورية وهي “كتائب أحرار الشام” و”حركة الفجر الإسلامية” و”جماعة الطليعة الإسلامية” و”كتائب الإيمان المقاتلة. وانضوت مع فصائل إسلامية أخرى في “الجبهة الإسلامية”، وتنتشر قوّتها الضاربة في محافظات إدلب وحلب وحماة، حيث برزت قوتها في مواجهة جيش النظام في مواقع عدّة كتفتناز وجبل الزاوية ومدينة حلب وسراقب وأريحا ومحافظة الرقة شرقي سوريا.
أبو علي الذي تولى قيادة تنظيم “الجبهة الإسلامية” التي تشّكلت بتوحد الحركات المناهضة لنظام الأسد، خلال الفترة من 2014-2016، سقط قتيلًا نتيجة عملية اغتيال، ثبت أنّ المعلومات الاستخبارية للعملية تلك قدمتها الإمارات العربية المتحدة للقوات الأمنية لنظام الأسد.
وقبلها استشهد زهران علوش يوم الجمعة 25 ديسمبر/كانون الأول 2015 بغارة جوية استهدفته مع بعض قياديّي “جيش الإسلام” في بلدة الغوطة الشرقية بريف دمشق.
يذكر أنّ القاسم المشترك بين كل هذه القيادات والحركات المعارضة هي معارضتها الصريحة لسياسات الولايات المتحدة الامريكية في المنطقة.
وليس من الصدفة أن يتمّ فتح الطريق أمام داعش وبي كا كا الإرهابية للتوسّع في المنطقة بعد تنفيذ الاغتيالات تلك نتيجة تعاون إماراتي، سعودي، إسرائيلي، أمريكي، روسي مع نظام الأسد.
أبو علي والذي عمل كقائد ميدانيّ سابق في الجبهة الإسلامية، كشف في إفادات سابقة لصحيفة يني شفق التركية أنّ الاغتيالات التي طالت قادة بارزين في الحركات تلك نتيجة للإهانة الإماراتية، ليس الهدف منها فقط إضعاف جبهة المعارضة، بل كان في الوقت نفسه محاولة لفتح المجال أمام تنظيمي داعش وبي كا كا الإرهابيّين للتوسّع وبسط نفوذهما في المناطق تلك”.
كاشفًا في الوقت نفسه أنّ “السمة المشتركة بين هؤلاء القادة الذين تمّ تصفيتهم، وبتعاون إماراتي؛ هي مواقفهم المعارضة للولايات المتحدة في المنطقة، أكثر من معارضتهم لنظام الأسد نفسه”. وتابع أبو علي “على سبيل المثال، كان القائد الميداني السابق “عبد القادر صالح” يقول: “إذا أرسلت الولايات المتحدة قوات إلى أراضينا، فسوف نقاتل ضدّ القوات الأمريكية دون تردّد”.
أما دليل التورّط السعودي فهو أنّ القائد علوش تمّ تثبيت ومن ثم تفجير مكان تواجده بواسطة أداة الاتصال الوحيدة التي كانت تعمل عبر قمر صناعيّ خاص، تمّ تركيبها في المركبة التي ظلّ يستخدمها علوش، والتي تمّ توفيرها بواسطة جهات سعودية. مما يعني أنّه تم تتبع القائد علوش وأتباعه من خلال هذا النظام.
وأثبتت التحقيقات الميدانية التي جرت بعد الحادث، أنّ معلومات تثبيت موقع تواجد علوش تم تسليمها أول الأمر إلى الإمارات العربية المتحدة، ثمّ أوصلها وزير الخارجية الإماراتي عبد الله بن زايد لبشار الأسد عبر شقيق الأخير ماهر الأسد.
يذكر أنّه يرجع السبب وراء استهداف نظام الأسد والمخابرات الإماراتية والسعودية والإسرائيلية لحركة “أحرار الشام”، هي خوض الاخيرة معركة ضخمة في يناير/كانون الثاني 2013 استهدفت من خلالها مطار تفتناز العسكري للمروحيات، وتمّ تحريره بالكامل بمشاركة “جبهة النصرة” و”لواء صقور الشام” والسيطرة على ما يحويه من طائرات ومعدّات وذخائر، كما شاركت بفعالية مع “الجيش الحر” و”لواء صقور الشام” في معارك وادي الضيف في بلدة معرة النعمان بريف إدلب.
كما كانت المرحلة نفسها من أهم المراحل التي مرت بها سوريا، حيث سجلت الحركات المعارضة تقدّمًا ملحوظًا في المناطق التي يسيطر عليها النظام في عموم سوريا.
وأيضًا قامت حركة “أحرار الشام” خلال الفترة نفسها بوضع خطة محكمة للتقدم نحو اللاذقية عبر محور إدلب- جسر الشعور.
وفي حال نجاح الخطة تلك، كان سيفقد معها الأسد العاصمة المعنوية لنظامه، كما كان سيفقد معه 70 بالمائة من الأراضي التي تحت سيطرته في عموم سوريا.
لكن بسبب عملية الاغتيال التي طالت كلّ قيادات الصف الأول والقادة السياسيين والميدانيين لحركة “أحرار الشام” والتي جرت في 9 سبتمبر/أيلول من العام 2014 تلك فقدت الخطة معها مفعولها واستمرّ الأسد ومَن خلفه في خططهم القذرة.