قالت منظمة العفو الدولية، اليوم الخميس، إن حملة للتحالف الذي تقوده الولايات المتحدة لطرد تنظيم داعش من الرقة في سوريا، أسفرت عن مقتل مئات المدنيين، مشيرة إلى أن الباقين يواجهون خطراً أكبر مع اشتداد القتال في مراحله النهائية.
وأضافت المنظمة الحقوقية أن قوات نظام بشار الأسد بدعم روسي شنت هجمات دون تمييز على المدنيين، فيما ذكرت تقارير أنها شملت قنابل عنقودية وبراميل متفجرة في حملة منفصلة ضد مقاتلي التنظيم جنوب الرقة.
وجاء ذلك في تقرير للمنظمة بعنوان: “المدنيون… محاصرون في المدينة تحت النيران من كافة الجوانب”.
وقالت منظمة العفو الدولية: “أوردت قوات التحالف 16 تقريراً عن خسائر مزعومة في الرقة أو حولها بين 6 و30 يونيو ووصفت ثلاثة منها بأنها غير معقولة والبقية بأنها قيد التقييم”. ودعت المنظمة التحالف لتطبيق إجراءات إبلاغ أكثر شفافية واستقلالية.
ويدعي التحالف أنه يتوخى الحذر الشديد لتفادي سقوط ضحايا مدنيين في قصفه للتنظيم في سوريا والعراق ويحقق في أي مزاعم.
وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان إنه وثق استشهاد 789 مدنياً بينهم 200 طفل في الفترة بين الخامس من يونيو/ حزيران، ويوم الأربعاء 23 أغسطس/ آب في مدينة الرقة نتيجة لقصف التحالف بقيادة الولايات المتحدة وقوات “سوريا الديمقراطية”.
وذكرت مجموعة (إيروورز) للمراقبة لرويترز أنها تعتقد أن ما يتراوح بين 725 و993 مدنياً قتلوا نتيجة لتصرفات التحالف في مدينة الرقة منذ بدء الهجوم في مطلع يونيو/ حزيران.
وأشار كريس وودز مدير المجموعة إلى أن تقارير أفادت بمقتل مئات المدنيين الآخرين بنيران “تنظيم الدولة” أو ألغامه الأرضية.
وانتقدت منظمة العفو الدولية حملة الضربات المدفعية والجوية للتحالف بقيادة الولايات المتحدة على مناطق بها مدنيين وطالبت بوقف الهجمات التي من الممكن أن تكون دون تمييز.
وقال محمد وهو أحد سكان الرقة السابقون للمنظمة: “تتوقف حياتك أو موتك على الحظ لأنك لا تعلم أين ستسقط القذيفة المقبلة لذا لا تعلم إلى أي مكان تركض”.
وأوضحت منظمة العفو الدولية أن السكان أخبروها بأن ضربات جوية أصابت مخيمات لجأ إليها الناس هرباً من القتال. وأضافت أن شهادات جمعتها أشارت إلى استخدام القنابل العنقودية في بعض الهجمات.
ولم توقع روسيا ولا سوريا والولايات المتحدة على اتفاقية الذخائر العنقودية، لكن القانون الإنساني الدولي يحظر شن الهجمات دون تمييز على المدنيين. وحثت منظمة العفو الدولية المجتمع الدولي على زيادة المساعدات للمدنيين الفارين.
وأشارت المنظمة في تقريرها إلى أن ميليشيات قوات “سوريا الديمقراطية” المدعومة من الولايات المتحدة والتي يشكل المقاتلون الأكراد الجزء الأكبر منها، “ينبغي أن تتوخى مزيداً من الحذر فيما تقاتل للسيطرة على أحياء وسط المدينة”.
وأضاف التقرير: “من الضروري أن تتخذ كل أطراف الصراع كافة الإجراءات الاحترازية الفعالة للحد من إلحاق الأذى بالمدنيين بما في ذلك الكف عن استخدام الأسلحة المتفجرة التي تترك أثراً كبيراً في المناطق المأهولة بالسكان إلى جانب وقف الهجمات غير المتناسبة ودون تمييز”.
وأفاد التقرير أيضاً بأن “تنظيم الدولة” الذي سيطر على الرقة ومحيطها في 2014 يستخدم المدنيين داخل المدينة السورية الشمالية كدروع بشرية ويستهدف من يحاولون الفرار بالقناصة والألغام.
وقال أحد سكان الرقة السابقون وكان من بين 98 نازحاً تحدثت إليهم منظمة العفو الدولية في شمال سوريا: “لم تسمح لنا الدولة بالرحيل. لم يكن لدينا طعام ولا كهرباء”.
وقال نازحون بسبب القتال أجرت وكالة رويترز مقابلات معهم إن “الضربات الجوية وضربات المدفعية أسفرت عن مقتل مدنيين”، فضلاً عن وقوع أضرار مادية هائلة لحقت بمبان وبنية أساسية في المناطق التي خسرها “تنظيم الدولة” في معارك الرقة وريفها.
وزاد عدد الضربات الجوية للتحالف على الرقة في الآونة الأخيرة. وقال اللفتاننت جنرال ستيف تاونسند القائد العام للتحالف إن “الرقة تمثل الآن أولوية للتحالف بعد انتزاع السيطرة على مدينة الموصل العراقية الشهر الماضي”.
وأضاف للصحفيين في بغداد يوم الأربعاء الفائت: “دخل القتال الآن أصعب جزء بالمدينة. لذا يحتاج شركاؤنا إلى مساعدة أكبر”، معتبراً أنه من المنطقي افتراض حدوث “بعض الزيادة” في الخسائر المدنية نتيجة لزيادة الضربات لكنه لم ير دليلاً قوياً على أن الخسائر زادت كثيراً.
وتقول الأمم المتحدة إن ما لا يقل عن 200 ألف شخص فروا من الرقة في الشهور القليلة الماضية وأن ما يصل إلى 20 ألف مدني ما زالوا محاصرين بالداخل.
و”تنظيم الدولة” يتخذ حالياً موقفاً دفاعياً في سوريا والعراق.
واستعادت ميليشيا ” قوات سوريا الديمقراطية ” السيطرة على قطاعات من الأراضي في شمال سوريا، كما تحقق قوات الأسد تقدماً في المنطقة الصحراوية وسط البلاد.