حجاج سُوريا .. رحلة سفر شاقة
شبكة العاصمة اونلاين – خاص
سلسبيل زين الدين
يشد الحُجاج المسلمون من شتى بقاع العالم رحالهم في رحلة من أوطانهم الى مكة المكرمة، لأداء فريضة الحج في المملكة العربية السعودية بالوقوف على عرفة، وقضاء أيام عيد الأضحى المبارك.
قد تكون هذه الرحلة من أسهل الرحلات لأي شخص في العالم، ولكن بالحديث عن قضية السفر التي تبدو أشبه بمعجزة لدى السوريين الذي يقبعون تحت نيران وحصار نيران النظام، فإن السفر للحج أصبح معضلة صعبة.
تأشيرتين أو ثلاثة للوصول إلى الهدف!
بعد اندلاع الثورة في الأراضي السورية، وبسبب المواقف السياسية للمملكة العربية السعودية، انسحب السفير السعودي من سوريا، وتم إغلاق السفارة السعودية في نفس الوقت، وبناءً على ذلك بات أمر السفر للحج من أصعب الرحلات بالنسبة للسوريين القابعين تحت سيطرة نظام الأسد.
رحلة الخروج من سوريا بحد ذاتها محفوفة بالمخاطر والحواجز، فلا يمكنك السفر إن كُنت مطلوبًا أو لو لم تنهي الخدمة في الجيش، الوقوف على الحواجز والتفتيش المهين وسرقة الأموال وغيرها الكثير يتعرض لها المسافرون أيًا كانت وجهتهم.
إن حالف الحظ المسافر ووصل إلى المطار بعد رحلات من التفتيش والعذاب، فإن الطائرات تقل المسافرين إلى لبنان أولًا، ثم يحاول إتمام الإجراءات من تلك البلدان للخروج إلى المملكة العربية السعودية.
وان كان الحظ عاثرًا فأقلها أن تُسرق أو تعتقل أو تقتل، وأسوأها هي الاعتقال حيث يختفي الشخص دون سابق انذار، احيانًا بلا مبررات وبلا أية أسئلة، فقط حظ عاثر ألقى بك أمام عسكري مزاجه سيء.
في حديث مع أخت احد المعتقلين أثناء رحلة سفره قالت ” قرر أخي السفر وكانت كل أوراقه سليمة، لم يكن مطلوبًا وليس له علاقة بأي فصيل او حزب أو تنظيم، ولكن لا نعلم كيف حدث ذلك، فجأة أصبح في عداد المخطوفين، ولم نسمع عنه خبر حتى اليوم”.
كله يهون في سبيل الوقوف بأطهر أرض!
وحسب تقرير لجنة الحج العليا لسوريا فإن 12000 حاج قدموا من تركيا وبيروت وعمان والقاهرة، منهم من قضى أكثر من أربعين ساعة في المطارات وعلى الحواجز بين التدقيق والتفتيش متكبدين عناء السفر، قلوبهم لا ترجو من أحد منة إلا رب الكعبة.
ويبقى مشهد التقاء الحجيج السوريين من شتى بقاع العالم، في أطهر بقاع العالم، مشهدًا يثير السعادة والحزن في نفس الوقت، حيث تجتمع شتات هذا الوطن المغُرب واللاجئ قسرًا على أرض الله الطاهرة.
وعلى الرغم من تردي الاوضاع الاقتصادي و السياسي إلا أن أفواج الحجيج السوريين لا تنقطع، ومع ذلك يرجو الحجاج السوريون المزيد من التسهيلات ويأملون أن يكون الحج العام القادم يكون من سوريا الحرة الى المملكة العربية السعودية مباشرة، دون حواجز ومشاكل سفر من بلد الى آخر.
وان كانت هذه الرحلة عسيرة طويلة، ترسُم في كل خط منها رحلة عذاب وشقاء يعانيه السوريين داخل حدود سوريا وخارجها، إلا أن لحظة الوصول ورؤية بيت الله، تكون كفيلة بأن تمسح عن الوجوه العناء والتعب، وتعطي الحجيج منهم أملًا بعودة سوريا كما كانت.
ينشد الحجاج السوريين الأمن الروحي والسلام الرباني في ظلال الحرم، حيث ترتفع الأكف لترسم خريطة الوجع في كل اجزاء سوريا من شمالها الى جنوبها.
بآمالهم وبدعواتهم التي تشق آفاق الغيب يحقق الحجاج السوريون مهمة عظيمة في مسيرة التحرير، فالحج -كما يقولون- هو أهم طرق التعبير عن الحرية والاستقلال الذي يبحث عنه السوريين خارج سوريا وداخلها، ويتزود بقوة الدعاء في حضرة ملك الملوك الذي لا يخيب دعاء ولا رجاء.