أفاد مسؤولون من كوريا الجنوبية واليابان بأن كوريا الشمالية أطلقت صاروخاً باليستياً مر فوق جزيرة هوكايدو اليابانية قبل أن يسقط في المحيط الهادي اليوم في تصعيد جديد للتوتر بعد قيام بيونج يانج بتفجير أقوى قنابلها النووية في الآونة الأخيرة.
وقال الأمين العام لمجلس الوزراء “يوشيهيدي سوجا” إن الصاروخ مر فوق اليابان وسقط في المحيط الهادي على بعد نحو ألفي كيلومتر شرقي هوكايدو.
وصدرت إعلانات تحذيرية بشأن الصاروخ في نحو الساعة السابعة صباحاً (22.00 بتوقيت غرينتش يوم الخميس) في أجزاء من شمال اليابان في حين استقبل مواطنون كثيرون تنبيهات على هواتفهم المحمولة أو شاهدوا تحذيرات على شاشات التلفزيون تحثهم على الاحتماء في أماكن آمنة.
وقال وزير الدفاع الأمريكي “جيم ماتيس” إن الإطلاق “جعل ملايين اليابانيين يلتمسون الحماية من الهجوم” غير أن السكان في شمال اليابان بدا عليهم الهدوء ومارسوا نشاطهم المعتاد.
وأضاف الجيش الكوري الجنوبي أن الصاروخ بلغ ارتفاعاً قارب 770 كيلومتراً وحلق لنحو 19 دقيقة قاطعاً مسافة 3700 كيلومتر تقريباً وهي تكفي للوصول إلى منطقة جوام الأمريكية.
وبعد قليل من الإطلاق ذكر الجيش الأمريكي أنه رصد إطلاق صاروخ باليستي متوسط المدى لكنه لم يشكل تهديداً لأمريكا الشمالية أو منطقة غوام الأمريكية بالمحيط الهادي التي تقع على بعد 3400 كيلومتر من كوريا الشمالية. وسبق أن هددت بيونج يانج بإطلاق صاروخ نحو غوام.
وقال اتحاد العلماء المعنيين في بيان “مدى هذا الاختبار مهم حيث أظهرت كوريا الشمالية أن بوسعها الوصول إلى غوام بهذا الصاروخ”.
لكن الاتحاد ذكر أن دقة الصاروخ، الذي لا يزال في مرحلة مبكرة من مراحل تطويره، لا تزال منخفضة وهو ما يجعل من الصعوبة بمكان تدمير قاعدة أندرسن التابعة لسلاح الجو الأمريكي في غوام.
وصرح مسؤولون أمريكيون إن التزام واشنطن بالدفاع عن حلفائها لا يزال “صلبا”. ودعا وزير الخارجية “ريكس تيلرسون” إلى “إجراءات جديدة” ضد كوريا الشمالية قائلاً: إن “هذه الاستفزازات المستمرة لن تؤدي إلا إلى زيادة عزلة كوريا الشمالية الدبلوماسية والاقتصادية”.
وذهب رئيس كوريا الجنوبية “مون جيه-إن” إلى ما ذهب إليه “تيلرسون” وقال إن الحوار مع الشمال مستحيل في هذه المرحلة. وأمر المسؤولين بتحليل عملية الإطلاق والاستعداد لتهديدات جديدة من كوريا الشمالية.
في غضون ذلك قال دبلوماسيون إن مجلس الأمن سيجتمع الساعة الثالثة مساء بتوقيت شرق الولايات المتحدة (19.00 بتوقيت غرينتش) يوم الجمعة بناء على طلب الولايات المتحدة واليابان وذلك بعد أيام قليلة من إقرار المجلس المكون من 15 عضواً بالإجماع تشديد العقوبات على كوريا الشمالية على أثر تجربتها النووية الأخيرة في الثالث من سبتمبر/ أيلول.
وشملت هذه العقوبات حظراً على صادرات النسيج وواردات النفط الخام. وكان ذلك تاسع قرار بخصوص العقوبات يتبناه المجلس ضد كوريا الشمالية منذ عام 2006.
وقال رئيس الوزراء الياباني “شينزو آبي” للصحفيين في طوكيو: “المجتمع الدولي بحاجة لأن يتحد ويبعث برسالة واضحة إلى كوريا الشمالية مفادها أنها تهدد السلام العالمي بأفعالها“. ووصف الإطلاق بأنه ”غير مقبول”.
رماد وظلام
وقالت كوريا الجنوبية إنها أطلقت صاروخاً صوب البحر ليتزامن مع عملية الإطلاق الكورية الشمالية ودعا القصر الأزرق الرئاسي إلى اجتماع عاجل لمجلس الأمن القومي. كما عقدت اليابان اجتماعا لمجلسها للأمن القومي.
وجاء الإطلاق بعد يوم من تهديد بيونج يانج “بإغراق” اليابان وتحويل الولايات المتحدة إلى “رماد وظلام” لدعمهما قرار لمجلس الأمن بشأن العقوبات ضدها.
ومن ناحية أخرى أعلن الجنرال “جون هايتن” رئيس القيادة الاستراتيجية الأمريكية يوم الخميس أنه يؤيد فرضية أن كوريا الشمالية أجرت تفجيراً لقنبلة هيدروجينية في الثالث من سبتمبر/أيلول وذلك استناداً إلى حجم الانفجار.
وقال “هايتن” لمجموعة صغيرة من المراسلين الصحفيين كانوا يرافقون وزير الدفاع “جيم ماتيس” في رحلة إلى مقر القيادة الاستراتيجية في نبراسكا “أفترض أنها كانت قنبلة هيدروجينية. يجب علي أن أفترض هذا بصفتي ضابطا بالجيش”.
وأضاف: “لست عالماً نووياً لذا لا يمكنني أن أبلغكم كيف تم ذلك وبماهية القنبلة(..) ولكن يمكنني أن أبلغكم أن حجم التفجير الذي رصدناه ورأيناه يدفعني إلى أن أوضح أنها كانت قنبلة هيدروجينية وعلي أن أقيم مع حلفائنا ما هو الرد المناسب على حدث كهذا”.
وفي واشنطن قال البيت الأبيض إن الرئيس الأمريكي “دونالد ترامب” جرى اطلاعه على إطلاق الصاروخ الكوري الشمالي.
وكان “ترامب” قد تعهد بعدم السماح لبيونج يانج بتهديد بلاده أبداً بصاروخ نووي لكنه طلب أيضاً من الصين بذل المزيد لكبح جماح جارتها. وتؤيد الصين بدورها رداً دولياً على المشكلة.
وقال “تيلرسون”: “يحب على الصين وروسيا أن توضحا عدم تسامحهما مع عمليات الإطلاق الصاروخي الطائشة هذه باتخاذ إجراءات مباشرة خاصة بهما”.
والولايات المتحدة وكوريا الجنوبية لا تزالان في حالة حرب من الناحية الفنية مع كوريا الشمالية لأن الصراع الكوري الذي دارت رحاه بين عامي 1950 و1953 انتهى بهدنة وليس باتفاق سلام.