ازدادت في الآونة الأخيرة ظاهرة مقاضاة عناصر من الجيش الحر أو من مناصري الثورة ممن لجؤوا إلى الدول الأوروبية أمام المحاكم هناك بعد دعاوى قُدمت ضدهم من أناس مجهولين يُعتقد أنهم من خلايا نائمة للنظام، وغالباً ما يقوم هؤلاء بجمع المعلومات والإثباتات التي يعتبرونها مصدر إدانة بحق هؤلاء اللاجئين من مواقع التواصل الاجتماعي والصفحات الشخصية لهم.
سامر شاب لاجئ من إدلب كان يقاتل مع إحدى الفصائل التي لم تُصنّف بأنها “إرهابية” فتم إلقاء القبض عليه بعد وقوع مشاجرة بينه وبين بعض الأشخاص في منزل لاستقبال اللاجئين بألمانيا بعد اكتشافه بأنهم شبيحة للنظام، وعلى إثر المشاجرة تم اعتقاله ليفاجأ أمام القاضي بتهمة “المشاركة في أعمال إرهابية في سوريا” بعد تقديم شكوى جماعية ضده من هؤلاء الشبيحة الذين حصلوا على معلومات وصور تدينه أمام المحاكم الألمانية من صفحته على “فيسبوك”.
أما عبد الرؤوف فهو لاجئ سوري من مدينة حمص في العشرين من عمره مقيم في النمسا أُلقي القبض عليه مع ابن عم له بتهمة الانضمام إلى إحدى الكتائب المصنفة “إرهابية” أيضا، وبسبب العثور على صورة له كان يضعها على صفحته الشخصية وهو يحمل سلاحاً بيده تم الحكم عليه بـ30 شهراً، قبل الإفراج عنه تحت المحاكمة بعد أن دفع كفالة مالية تقدر بـ 4 آلاف يورو علماً أنه كان قاصراً تحت سن 18 سنة عند اعتقاله.
يرجح فرضية أن تكون هناك أيد خفية وراء هذه القضايا وهي التي تصدّر المشاكل لهؤلاء اللاجئين.
عضو المنظمة العربية لحقوق الإنسان ومسؤول ملف اللاجئين فيها بأروبا “محمد كاظم هنداوي” حذّر النشطاء السوريين ومناصري الثورة وبخاصة ممن لجأ منهم إلى أوروبا من نشر فيديوهات وصور عن مشاركتهم في أي نشاط عسكري في صفوف الثوار لأن هذا الأمر من شأنه أن يعرّضهم لمحاكمات بتهمة الإخلال بالأمن القومي في الكثير من دول أوروبا.
وأكد هنداوي لـ”زمان الوصل” أن نظام الأسد بدأ في السنوات الأخيرة بتحريك خلاياه النائمة من خلال ناس تسللوا مع دفعات اللاجئين التي جاءت مع بداية العام 2014 وحتى اليوم إلى بلدان اللجوء في أوروبا وبدأت هذه الخلايا التي كانت بحكم النائمة -كما يقول- بجمع معلومات عن الناشطين الموجودين في الدول الأوروبية، وخصوصاً من كان قد التحق بالجيش الحر ليدافع عن أرضه وعرضه ووصل لاجئاً إلى أوروبا.
وأشار هنداوي إلى أن النظام بدأ يستقي معلوماته ويأخذ إثباتاته من صفحات الناشطين أنفسهم فيما إذا كانوا قد نشروا مقاطع فيديو أو صورا لأي شخصيات التحقت بالجيش الحر، ويحاول النظام أن يسحب الملفات من صفحات هؤلاء الناشطين أو أصدقائهم ويقدمها كأدلة ضدهم أمام المحاكم الأوروبية.
ولفت محدثنا إلى أن “هناك حالات كثيرة قيد الاعتقال جرّاء هذا الموضوع وبعضهم للأسف ينشر الصور والفيديوهات من منطلق التباهي أمام أصدقائه بأنه كان يحمل سلاحاً ما أو شارك في مقاتلة النظام وحمى أرضه وعرضه وأدى ما عليه دون تقدير العواقب.
وأعرب محدثنا عن اعتقاده بأن “هذا الأمر ليس مجرد حالات فردية وإنما منسق وممنهج من قبل النظام وخلاياه وحتى من حقوقيين مؤيدين للنظام في أوروبا للإيقاع بكل من يناصر الثورة السورية، وأضاف هنداوي أن الدول الأوروبية هي دول قانون وبالتأكيد أن شبيحة النظام قدموا -كما يقول- إثباتات أقنعت القضاء هناك بإلقاء القبض على اللاجئين المستهدفين”.
ونصح عضو المنظمة العربية لحقوق الإنسان كل اللاجئين بمسح كل الصور ومقاطع الفيديو المتعلقة بالأعمال العسكرية لأن هذه الأدلة بالمحصلة مجرد أرشيف لا تفيدهم في شيء، أو الاحتفاظ به على الإيميل وأن لا يكون شيء منها مكشوفاً للعلن من أجل عدم تعرضهم للمسائلة القانونية بهذا الخصوص.
وعلى الحقوقيين الأحرار-كما يقول- تقديم كل ما لديهم للتصدي لهذه الظاهرة بالسلاح الذي يستخدمه النظام وتقديم الأدلة القانونية التي تدين النظام وشبيحته، مشيراً إلى أن العديد من المنظمات الناشطة في مجال حقوق الإنسان بما فيها المنظمة العربية لحقوق الإنسان تسعى في هذا الاتجاه ولن تترك الساحة خالية للنظام ولكن الواجب يفرض علينا تحذير الناس كي لا يكونوا لقمة سائغة بفم هذا النظام القاتل.