كشف “المركز السويدي للإحصاء”، أن السوريين باتوا الجالية الأكبر في السويد، بعدما فاق عددهم الجالية الفنلندية التي كانت قد احتلت المركز الأول على مدى أعوام.
وجاءت الإحصائية الأخيرة بعد مسح قام به المركز لعدد سكان السويد ممن ولدوا خارج البلاد، ويحملون جنسيات أو إقامات فيها، دون أن يشمل أولئك الذين لا زالوا في انتظار الإقامات.
وبحسب المركز، فقد وصل عدد أفراد الجالية السورية إلى 158 ألف شخص، وذلك حتى آذار/ مارس الماضي، فيما احتلت الجالية العراقية المركز الثالث بعد الفنلندية بما يزيد بقليل عن 136 ألف شخص.
وفي حديث مع “عربي21“، قال الباحث في شؤون التربية والتعددية الثقافية في جامعة مالمو السويدية، العيد بوعكاز، إن “السويد لا تنظر إلى الرأسمال المادي، وإنما تنظر إلى المردود الثقافي والعلمي”، مشيرا إلى أن “تلك الكفاءات التي وصلت لم تكلف السويد ثمن تأهيلهم وتعليمهم، وغالبيتهم يحملون معهم شهادات علمية ومهنا حرفية”.
ويرى بوعكاز أن هؤلاء المهاجرين هم “إمكانيات وقدرات ستستفيد منها السويد على مدى أعوام، حيث أن نسبة الإنتاج في السويد ارتفعت، كما أن نسبة الصادرات منها زادت، ناهيك عن دخول رؤوس أموال عبر هؤلاء، ونرى هذا جليا في الحياة اليومية ويشهد به العام والخاص”، وفق قوله.
وتعتبر السويد إحدى البلدان التي تشهد نقصا في القوى العاملة في مجالات وقطاعات مختلفة، كما أنها من بين الدول التي كانت دائما تسعى إلى جلب المهاجرين إليها.
واستقبلت السويد خلال القرن العشرين وبداية القرن الحادي والعشرين؛ أكثر من مليون ونصف المليون مهاجر من دول عديدة، مثل البلقان وأمريكا الجنوبية، وبلغت نسبتهم نحو 15 في المئة من سكان السويد البالغ عددهم، 10 ملايين نسمة مع بداية عام 2016.
وتمنح السويد الجنسية للمهاجرين بعد مرور 5 أو 4 سنوات من وجودهم بالسويد، وبعد حصولهم على الإقامة الدائمة فيها.
ونجح الكثير من السوريين بالسويد في دخول سوق العمل والاندماج في المجتمع بشكل سريع، كما أن أعدادا كبيرة منهم باتت في الجامعات، وآخرون أصحاب متاجر ومحلات، ناهيك عن سرعة تعلمهم للغة السويدية وحصولهم على تدريب أو عمل.
وتتخذ الحكومة السويدية إجراءات مكثفة لضم السوريين وغيرهم من المهاجرين واللاجئين إلى المجتمع عن طريق مكاتب العمل ومجالس البلديات والمحافظات، حيث قامت بالعديد من المشاريع الحكومية أو التي تم دعمها من الدولة.
ويحصل السوري المقيم في السويد على خطة ترسيخ لمدة سنتين، يقوم خلالها بتعلم اللغة ودروس المجتمع، ويحصل على مقابل مادي جراء ذلك، بالإضافة إلى إمكانية حصوله على مساعدات السكن وإعالة الأطفال.
لكن لا تزال مشكلات السكن تواجه اللاجئين، ويعود ذلك لعدم استعداد السويد لاستقبال أعداد كبيرة من المهاجرين خلال وقت قصير، الأمر الذي أجبر البلديات على إعداد خطط لبناء المزيد من المساكن في السنوات المقبلة.
وخلال عامي 2015 و2016، شهدت السويد أكبر موجة لجوء في تاريخها، تمثلت في هجرة السوريين والعراقيين والأفغان، ما اضطر الحكومة إلى تعليق اتفاقية شنغن وفرض رقابة على الحدود، كما أصدرت قوانين هجرة جديدة لتحديد شروط ومدد الإقامة، كما تشد القيود على لم شمل الأسر.
وفي الأثناء، تلعب الأحزاب اليمينية بورقة اللاجئين للضغط على الحكومة ولكسب أصوات الناخبين، حيث أن السويد على أبواب انتخابات جديدة العام القادم.